القول في تأويل قوله تعالى : ( وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين    ( 31 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : وأما الذين جحدوا وحدانية الله  ، وأبوا إفراده في الدنيا بالألوهة ، فيقال لهم : ألم تكن آياتي في الدنيا تتلى عليكم . 
فإن قال قائل : أوليست " أما" تجاب بالفاء ، فأين هي ؟ فإن الجواب أن يقال : هي الفاء التي في قوله ( أفلم ) . وإنما وجه الكلام في العربية لو نطق به على بيانه ، وأصله أن يقال : وأما الذين كفروا ، فألم تكن آياتي تتلى عليكم ، لأن معنى الكلام : وأما الذين كفروا فيقال لهم ألم ، فموضع الفاء في ابتداء المحذوف الذي هو مطلوب في الكلام ، فلما حذفت يقال : وجاءت ألف استفهام حكمها أن تكون مبتدأة بها ، ابتدئ بها ، وجعلت الفاء بعدها . 
وقد تسقط العرب الفاء التي هي جواب " أما" في مثل هذا الموضع أحيانا إذا أسقطوا الفعل الذي هو في محل جواب أما كما قال - جل ثناؤه -  [ ص: 86 ]  ( فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم   ) فحذفت الفاء ، إذ كان الفعل الذي هو في جواب أما محذوفا ، وهو فيقال ، وذلك أن معنى الكلام : فأما الذين اسودت وجوههم فيقال لهم : أكفرتم ، فلما أسقطت ، يقال الذي به تتصل الفاء سقطت الفاء التي هي جواب أما . 
وقوله ( فاستكبرتم ) يقول : فاستكبرتم عن استماعها والإيمان بها ( وكنتم قوما مجرمين   ) يقول : وكنتم قوما تكسبون الآثام والكفر بالله ، ولا تصدقون بمعاد ، ولا تؤمنون بثواب ولا عقاب . 
				
						
						
