القول في تأويل قوله تعالى : ( إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى    ( 32 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد   - صلى الله عليه وسلم - ( إن ربك ) يا محمد   ( واسع المغفرة   ) : واسع عفوه للمذنبين الذين لم تبلغ ذنوبهم الفواحش وكبائر الإثم . وإنما أعلم جل ثناؤه بقوله هذا عباده أنه يغفر اللمم بما وصفنا من الذنوب لمن اجتنب كبائر الإثم والفواحش . 
كما حدثنا يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( إن ربك واسع المغفرة   ) قد غفر ذلك لهم  . 
وقوله ( هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض   ) يقول - تعالى ذكره - : ربكم أعلم بالمؤمن منكم من الكافر ، والمحسن منكم من المسيء ، والمطيع من العاصي ، حين ابتدعكم من الأرض ، فأحدثكم منها بخلق أبيكم آدم منها ، وحين أنتم أجنة في بطون أمهاتكم ، يقول : وحين أنتم حمل لم تولدوا منكم وأنفسكم بعدما صرتم رجالا ونساء . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .  [ ص: 540 ] 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى   ; وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  في قوله ( هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض   ) قال : كنحو قوله ( وهو أعلم بالمهتدين   )  . 
وحدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  ، فى قوله ( إذ أنشأكم من الأرض   ) قال : حين خلق آدم  من الأرض ثم خلقكم من آدم ، وقرأ ( وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم   )  . 
وقد بينا فيما مضى قبل معنى الجنين ، ولم قيل له جنين ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . 
وقوله ( فلا تزكوا أنفسكم   ) يقول جل ثناؤه : فلا تشهدوا لأنفسكم بأنها زكية بريئة من الذنوب والمعاصي . 
كما حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان قال : سمعت زيد بن أسلم يقول ( فلا تزكوا أنفسكم   ) يقول : فلا تبرئوها . 
وقوله ( هو أعلم بمن اتقى   ) يقول جل ثناؤه : ربك يا محمد  أعلم بمن خاف عقوبة الله فاجتنب معاصيه من عباده . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					