القول في تأويل قوله تعالى : ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان    ( 39 ) فبأي آلاء ربكما تكذبان   ( 40 ) ( يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام   ( 41 ) فبأي آلاء ربكما تكذبان   ( 42 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : فيومئذ لا يسأل الملائكة المجرمين عن ذنوبهم ؛ لأن الله قد حفظها عليهم ، ولا يسأل بعضهم عن ذنوب بعض ربهم . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن سعد  قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله : ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان   ) يقول - تعالى ذكره - : لا يسألهم عن أعمالهم ، ولا يسأل بعضهم عن بعض وهو مثل قوله : ( ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون   ) ومثل قوله لمحمد   - صلى الله عليه وسلم - ( ولا تسأل عن أصحاب الجحيم   ) . 
حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة  في قوله : ( لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان   ) قال : حفظ الله - عز وجل - عليهم أعمالهم  .  [ ص: 52 ] 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى  وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  في قوله : ( لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان   ) قال : كان مجاهد  يقول : لا يسأل الملائكة عن المجرم يعرفون بسيماهم  . 
حدثنا  محمد بن بشار  قال : ثنا محمد بن مروان  قال : ثنا أبو العوام  عن قتادة   ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان   ) قال : قد كانت مسألة ثم ختم على ألسنة القوم ، فتتكلم أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون  . 
وقوله : ( فبأي آلاء ربكما تكذبان   ) يقول - تعالى ذكره - : فبأي نعم ربكما معشر الثقلين التي أنعم عليكم من عدله فيكم ، أنه لم يعاقب منكم إلا مجرما . 
وقوله : ( يعرف المجرمون بسيماهم   ) يقول - تعالى ذكره - تعرف الملائكة المجرمين بعلاماتهم وسيماهم التي يسومهم الله بها من اسوداد الوجوه ، وازرقاق العيون . 
كما حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  عن معمر  ، عن الحسن  في قوله : ( يعرف المجرمون بسيماهم   ) قال : يعرفون باسوداد الوجوه ، وزرقة العيون  . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا محمد بن مروان  قال : ثنا أبو العوام  ، عن قتادة   ( يعرف المجرمون بسيماهم   ) قال : زرق العيون ، سود الوجوه  . 
وقوله : ( فيؤخذ بالنواصي والأقدام   ) يقول - تعالى ذكره - : فتأخذهم الزبانية بنواصيهم وأقدامهم فتسحبهم إلى جهنم ، وتقذفهم فيها 
( فبأي آلاء ربكما تكذبان   ) يقول - تعالى ذكره - : فبأي نعم ربكما معشر الجن والإنس التي أنعم عليكم بها من تعريفه ملائكته أهل الإجرام من أهل الطاعة منكم ، حتى خصوا  [ ص: 53 ] بالإذلال والإهانة المجرمين دون غيرهم . 
				
						
						
