القول في تأويل قوله تعالى : ( كأنهن الياقوت والمرجان   ( 58 ) فبأي آلاء ربكما تكذبان   ( 59 ) هل جزاء الإحسان إلا الإحسان   ( 60 ) فبأي آلاء ربكما تكذبان    ( 61 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : كأن هؤلاء القاصرات الطرف - اللواتي هن في هاتين الجنتين في صفائهن - الياقوت الذي يرى السلك الذي فيه من ورائه ، فكذلك يرى مخ سوقهن من وراء أجسامهن ، وفي حسنهن الياقوت والمرجان .  [ ص: 66 ] 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر الأثر الذي روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك : 
حدثني محمد بن حاتم  قال : ثنا عبيدة  ، عن حميد  ، عن عطاء بن السائب  ، عن عمرو بن ميمون  ، عن ابن مسعود  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن المرأة من أهل الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة من حرير ومخها ، وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول : ( كأنهن الياقوت والمرجان   ) أما الياقوت فإنه لو أدخلت فيه سلكا ثم استصفيته لرأيته من ورائه  " . 
حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : ثنا  ابن علية  ، عن عطاء بن السائب  ، عن عمرو بن ميمون  قال : قال ابن مسعود   : إن المرأة من أهل الجنة لتلبس سبعين حلة من حرير ، يرى بياض ساقها وحسن ساقها من ورائهن ، ذلكم بأن الله يقول ( كأنهن الياقوت والمرجان   ) ، ألا وإنما الياقوت حجر فلو جعلت فيه سلكا ثم استصفيته لنظرت إلى السلك من وراء الحجر . 
قال : ثنا  ابن علية  قال : ثنا أبو رجاء  ، عن الحسن  في قوله : ( كأنهن الياقوت والمرجان   ) في بياض المرجان  . 
حدثنا أبو هشام الرفاعي  قال : ثنا ابن فضيل  قال : ثنا عطاء بن السائب  ، عن عمرو بن ميمون  قال : أخبرنا عبد الله   : أن المرأة من أهل الجنة لتلبس سبعين حلة من حرير ، فيرى بياض ساقها وحسنه ، ومخ ساقها من وراء ذلك ؛ وذلك لأن الله قال ( كأنهن الياقوت والمرجان   ) ألا ترى أن الياقوت حجر ، فإذا أدخلت فيه سلكا رأيت السلك من وراء الحجر . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا عبد الرحمن  قال : ثنا سفيان  ، عن أبي إسحاق  ، عن عمرو بن ميمون  قال : " إن المرأة من الحور العين لتلبس سبعين حلة ، فيرى مخ ساقها كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء " . 
حدثني محمد بن عبيد المحاربي  قال : ثنا المطلب بن زياد  ، عن  [ ص: 67 ]  السدي  في قوله : ( كأنهن الياقوت والمرجان   ) قال : صفاء الياقوت وحسن المرجان  . 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة   ( كأنهن الياقوت والمرجان   ) صفاء الياقوت في بياض المرجان  . ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من دخل الجنة فله فيها زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء ثيابهما  " . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا محمد بن مروان  قال : ثنا أبو العوام  ، عن قتادة   ( كأنهن الياقوت والمرجان   ) قال : شبه بهن صفاء الياقوت في بياض المرجان . 
حدثنا محمد بن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة   ( كأنهن الياقوت والمرجان   ) : في صفاء الياقوت وبياض المرجان . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : ( كأنهن الياقوت والمرجان   ) قال : كأنهن الياقوت في الصفاء ، والمرجان في البياض  . الصفاء : صفاء الياقوتة ، والبياض : بياض اللؤلؤ . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن سفيان   ( كأنهن الياقوت والمرجان   ) قال : في صفاء الياقوت وبياض المرجان  . 
وقوله : ( فبأي آلاء ربكما تكذبان   ) يقول - تعالى ذكره - : فبأي نعم ربكما التي أنعم عليكم معشر الثقلين - من إثابته أهل طاعته منكم بما وصف في هذه الآيات - تكذبان . 
وقوله : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان   ) يقول - تعالى ذكره - : هل ثواب خوف مقام الله - عز وجل - لمن خافه - فأحسن فى الدنيا عمله ، وأطاع ربه - إلا أن يحسن إليه في الآخرة ربه ، بأن يجازيه على إحسانه ذلك في الدنيا ، ما وصف في هذه الآيات من قوله : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان   ) . . . إلى  [ ص: 68 ] قوله : ( كأنهن الياقوت والمرجان   ) . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنه . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا محمد بن مروان  قال : ثنا أبو العوام  ، عن قتادة   ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان   ) قال : عملوا خيرا فجوزوا خيرا  . 
حدثنا محمد بن عمرو  قال : ثنا عبيدة بن بكار الأزدي  قال : ثني محمد بن جابر  قال : سمعت محمد بن المنكدر  يقول في قول الله - جل ثناؤه - ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان   ) قال : هل جزاء من أنعمت عليه بالإسلام إلا الجنة  . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان   ) قال : ألا تراه ذكرهم ومنازلهم وأزواجهم ، والأنهار التي أعدها لهم ، وقال : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان   ) : حين أحسنوا في هذه الدنيا أحسنا إليهم ، أدخلناهم الجنة  . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  قال : ثنا سفيان  ، عن سالم بن أبي حفصة  ، عن أبي يعلى  ، عن  محمد ابن الحنفية   ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان   ) قال : هي مسجلة للبر والفاجر  . 
وقوله : ( فبأي آلاء ربكما تكذبان   ) يقول : فبأي نعم ربكما معشر الثقلين التي أنعم عليكم - من إثابته المحسن منكم بإحسانه - تكذبان ؟ 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					