القول في تأويل قوله تعالى ( خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون    ( 162 ) ) 
قال أبو جعفر   : إن قال لنا قائل : ما الذي نصب "خالدين فيها " ؟ 
قيل : نصب على الحال من "الهاء والميم " اللتين في "عليهم " . وذلك أن معنى قوله : "أولئك عليهم لعنة الله " ، أولئك يلعنهم الله والملائكة والناس أجمعون خالدين فيها . ولذلك قرأ ذلك : "أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعون "  [ ص: 264 ] من قرأه كذلك ، توجيها منه إلى المعنى الذي وصفت . وذلك وإن كان جائزا في العربية ، فغير جائزة القراءة به ، لأنه خلاف لمصاحف المسلمين ، وما جاء به المسلمون من القراءة مستفيضا فيهم . فغير جائز الاعتراض بالشاذ من القول ، على ما قد ثبتت حجته بالنقل المستفيض . 
وأما "الهاء والألف " اللتان في قوله : "فيها " ، فإنهما عائدتان على "اللعنة " ، والمراد بالكلام : ما صار إليه الكافر باللعنة من الله ومن ملائكته ومن الناس . والذي صار إليه بها ، نار جهنم . وأجرى الكلام على "اللعنة " ، والمراد بها ما صار إليه الكافر ، كما قد بينا من نظائر ذلك فيما مضى قبل ، كما : - 
2396 - حدثت عن عمار  قال : حدثنا ابن أبي جعفر  ، عن أبيه ، عن الربيع  ، عن أبي العالية   : "خالدين فيها " ، يقول : خالدين في جهنم ، في اللعنة . 
وأما قوله : "لا يخفف عنهم العذاب " ، فإنه خبر من الله تعالى ذكره عن دوام العذاب أبدا من غير توقيت ولا تخفيف ، كما قال تعالى ذكره : ( والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها   ) [ سورة فاطر : 36 ] ، وكما قال : ( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها   ) [ سورة النساء : 56 ] 
وأما قوله : "ولا هم ينظرون " ، فإنه يعني : ولا هم ينظرون بمعذرة يعتذرون ، كما : - 
2397 - حدثت عن عمار  قال : حدثنا ابن أبي جعفر  ، عن أبيه ، عن الربيع  ، عن أبي العالية   : "ولا هم ينظرون " ، يقول : لا ينظرون فيعتذرون ،  [ ص: 265 ] كقوله : ( هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون   ) . [ سورة المرسلات : 35 - 36 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					