القول في تأويل قوله تعالى : ( أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا    ( 10 ) رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات   ) 
يقول تعالى ذكره : أعد الله لهؤلاء القوم الذين عتوا عن أمر ربهم ورسله عذابا شديدا ، وذلك عذاب النار الذي أعده لهم في القيامة ( فاتقوا الله يا أولي الألباب   ) يقول تعالى ذكره : فخافوا الله ، واحذروا سخطه بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه يا أولي العقول . 
كما حدثنا محمد ،  قال : ثنا أحمد ،  قال : ثنا أسباط ،  عن  السدي ،  في قوله : ( فاتقوا الله يا أولي الألباب   ) قال : يا أولي العقول . 
وقوله : ( الذين آمنوا ) يقول : الذين صدقوا الله ورسله . 
وقوله : ( قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا   ) اختلف أهل التأويل في المعني بالذكر والرسول في هذا الموضع ، فقال بعضهم : الذكر هو القرآن ، والرسول محمد  صلى الله عليه وسلم . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا محمد ،  قال : ثنا أحمد ،  قال : ثنا أسباط ،  عن  السدي ،  في قوله : ( قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا   ) قال : الذكر : القرآن ، والرسول : محمد  صلى الله عليه وسلم . 
حدثني يونس ،  قال : أخبرنا ابن وهب ،  قال : قال ابن زيد ،  في قول الله عز وجل : ( قد أنزل الله إليكم ذكرا   ) قال : القرآن روح من الله ، وقرأ : ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا   ) إلى آخر الآية ، وقرأ :  [ ص: 468 ]  ( قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا   ) قال : القرآن ، وقرأ : ( إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم   ) قال : بالقرآن ، وقرأ ( إنا نحن نزلنا الذكر   ) قال : القرآن ، قال : وهو الذكر ، وهو الروح . 
وقال آخرون : الذكر : هو الرسول . 
والصواب من القول في ذلك أن الرسول ترجمة عن الذكر ، ذلك نصب لأنه مردود عليه على البيان عنه والترجمة . 
فتأويل الكلام إذن : قد أنزل الله إليكم يا أولي الألباب ذكرا من الله لكم يذكركم به ، وينبهكم على حظكم من الإيمان بالله ، والعمل بطاعته ، رسولا يتلو عليكم آيات الله التي أنزلها عليه ( مبينات ) يقول : مبينات لمن سمعها وتدبرها أنها من عند الله . 
				
						
						
