[ ص: 577 ]  [ ص: 578 ]  [ ص: 579 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه : ( ألهاكم التكاثر    ( 1 ) حتى زرتم المقابر   ( 2 ) كلا سوف تعلمون   ( 3 ) ثم كلا سوف تعلمون   ( 4 ) كلا لو تعلمون علم اليقين   ( 5 ) لترون الجحيم   ( 6 ) ثم لترونها عين اليقين   ( 7 ) ثم لتسألن يومئذ عن النعيم   ( 8 ) ) . 
يقول تعالى ذكره : ألهاكم أيها الناس المباهاة بكثرة المال والعدد عن طاعة ربكم ، وعما ينجيكم من سخطه عليكم . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة   ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر   ) قال : كانوا يقولون : نحن أكثر من بني فلان ، ونحن أعد من بني فلان ، وهم كل يوم يتساقطون إلى آخرهم ، والله ما زالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم  . 
حدثنا ابن عبد الأعلى ،  قال : ثنا ابن ثور ،  عن معمر ،  عن قتادة   ( ألهاكم التكاثر   ) قالوا : نحن أكثر من بني فلان ، وبنو فلان أكثر من بني فلان ، ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالا  . 
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم كلام يدل على أن معناه التكاثر بالمال . 
ذكر الخبر بذلك : 
حدثنا أبو كريب ،  قال : ثنا  وكيع ،  عن  هشام الدستوائي ،  عن قتادة ،  عن  [ ص: 580 ]  مطرف بن عبد الله بن الشخير ،  عن أبيه أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يقرأ : ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر   ) قال : " ابن آدم ، ليس لك من مال إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت "  . 
حدثنا محمد بن خلف العسقلاني ،  قال : ثنا آدم ،  قال : ثنا حماد بن سلمة ،  عن ثابت البناني ،  عن أنس بن مالك ،  عن أبي بن كعب ،  قال : كنا نرى أن هذا الحديث من القرآن : " لو أن لابن آدم واديين من مال ، لتمنى واديا ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ثم يتوب الله على من تاب " حتى نزلت هذه السورة : ( ألهاكم التكاثر   ) إلى آخرها  . وقوله صلى الله عليه وسلم بعقب قراءته " ألهاكم " ليس لك من مالك إلا كذا وكذا ، ينبئ أن معنى ذلك عنده : ألهاكم التكاثر : المال . 
وقوله : ( حتى زرتم المقابر   ) يعني : حتى صرتم إلى المقابر فدفنتم فيها ; وفي هذا دليل على صحة القول بعذاب القبر  ؛ لأن الله تعالى ذكره ، أخبر عن هؤلاء القوم الذين ألهاهم التكاثر ، أنهم سيعلمون ما يلقون إذا هم زاروا القبور وعيدا منه لهم وتهددا . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا أبو كريب ،  قال : ثنا ابن عطية ،  عن قيس ،  عن حجاج ،  عن المنهال ،  عن زر ،  عن علي ،  قال : كنا نشك في عذاب القبر ، حتى نزلت هذه الآية : ( ألهاكم التكاثر   ) . . . إلى : ( كلا سوف تعلمون   ) في عذاب القبر  . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا  حكام بن سلم ،  عن عنبسة ،  عن  ابن أبي ليلى ،  عن المنهال ،  عن زر ،  عن علي ،  قال : نزلت ( ألهاكم التكاثر   ) في عذاب القبر  . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا حكام ،  عن عمرو ،  عن الحجاج ،  عن  المنهال بن عمرو ،  عن زر ،  عن علي ،  قال : ما زلنا نشك في عذاب القبر ، حتى نزلت : ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر   )  . 
وقوله : ( كلا سوف تعلمون   ) يعني تعالى ذكره بقوله : كلا ما هكذا ينبغي أن تفعلوا ، أن يلهيكم التكاثر . 
وقوله : ( سوف تعلمون   ) يقول جل ثناؤه : سوف تعلمون إذا زرتم المقابر ، أيها الذين ألهاهم التكاثر ، غب فعلكم ، واشتغالكم بالتكاثر في الدنيا عن طاعة الله ربكم .  [ ص: 581 ] 
وقوله : ( ثم كلا سوف تعلمون   ) يقول : ثم ما هكذا ينبغي أن تفعلوا أن يلهيكم التكاثر بالأموال ، وكثرة العدد ، سوف تعلمون إذا زرتم المقابر ، ما تلقون إذا أنتم زرتموها ، من مكروه اشتغالكم عن طاعة ربكم بالتكاثر . وكرر قوله : ( كلا سوف تعلمون   ) مرتين ؛ لأن العرب إذا أرادت التغليظ في التخويف والتهديد كرروا الكلمة مرتين . 
وروي عن الضحاك  في ذلك ما حدثنا به ابن حميد ،  قال : ثنا مهران ،  عن أبي سنان ،  عن ثابت ،  عن الضحاك   ( كلا سوف تعلمون   ) قال : الكفار ( ثم كلا سوف تعلمون   ) قال : المؤمنون  . وكذلك كان يقرأها . 
وقوله : ( كلا لو تعلمون علم اليقين   ) يقول تعالى ذكره : ما هكذا ينبغي أن تفعلوا ، أن يلهيكم التكاثر أيها الناس ، لو تعلمون أيها الناس علما يقينا ، أن الله باعثكم يوم القيامة من بعد مماتكم من قبوركم ما ألهاكم التكاثر عن طاعة الله ربكم ، ولسارعتم إلى عبادته ، والانتهاء إلى أمره ونهيه ، ورفض الدنيا إشفاقا على أنفسكم من عقوبته . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة   ( كلا لو تعلمون علم اليقين   ) كنا نحدث أن علم اليقين : أن يعلم أن الله باعثه بعد الموت  . 
وقوله : ( لترون الجحيم   ) اختلفت القراء في قراءة ذلك ; فقرأته قراء الأمصار : ( لترون الجحيم   ) بفتح التاء من ( لترون ) في الحرفين كليهما ، وقرأ ذلك الكسائي  بضم التاء من الأولى ، وفتحها من الثانية . 
والصواب عندنا في ذلك الفتح فيهما كليهما ؛ لإجماع الحجة عليه . وإذا كان ذلك كذلك ، فتأويل الكلام : لترون أيها المشركون جهنم يوم القيامة ، ثم لترونها عيانا لا تغيبون عنها . 
حدثني محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله : ( ثم لترونها عين اليقين   ) يعني : أهل الشرك  . 
وقوله : ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم   ) يقول : ثم ليسألنكم الله عز وجل عن النعيم الذي كنتم فيه في الدنيا   : ماذا عملتم فيه ، من أين وصلتم إليه ، وفيم أصبتموه ، وماذا عملتم به .  [ ص: 582 ] 
واختلف أهل التأويل في ذلك النعيم ما هو؟ فقال بعضهم : هو الأمن والصحة . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني  عباد بن يعقوب ،  قال : ثنا محمد بن سليمان ،  عن  ابن أبي ليلى ،  عن الشعبي ،  عن ابن مسعود ،  في قوله : ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم   ) قال : الأمن والصحة  . 
حدثنا أبو كريب ،  قال : ثنا حفص ،  عن  ابن أبي ليلى ،  عن الشعبي ،  عن عبد الله ،  مثله . 
حدثني علي بن سعيد الكندي ،  قال : ثنا محمد بن مروان ،  عن ليث ،  عن مجاهد   ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم   ) قال : الأمن والصحة  . 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا أبو عاصم   . قال : ثنا سفيان ،  قال : بلغني في قوله : ( لتسألن يومئذ عن النعيم   ) قال : الأمن والصحة  . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا مهران ،  عن إسماعيل بن عياش ،  عن عبد العزيز بن عبد الله ،  قال : سمعت الشعبي  يقول : النعيم المسئول عنه يوم القيامة : الأمن والصحة . 
قال : ثنا مهران ،  عن خالد الزيات ،  عن  ابن أبي ليلى ،  عن عامر الشعبي ،  عن ابن مسعود ،  مثله . 
قال : ثنا مهران ،  عن سفيان   ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم   ) قال : الأمن والصحة  . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ثم ليسئلن يومئذ عما أنعم الله به عليهم مما وهب لهم من السمع والبصر وصحة البدن . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني علي ،  قال : ثنا أبو صالح ،  قال : ثني معاوية ،  عن علي ،  عن ابن عباس ،  في قوله : ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم   ) قال : النعيم : صحة الأبدان والأسماع والأبصار ، قال : يسأل الله العباد فيم استعملوها ، وهو أعلم بذلك منهم ، وهو قوله : ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا   )  . 
حدثني إسماعيل بن موسى الفزاري ،  قال : أخبرنا عمر بن شاكر ،  عن الحسن  قال : كان يقول في قوله : ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم   ) قال : السمع والبصر ، وصحة البدن  .  [ ص: 583 ] 
وقال آخرون : هو العافية . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني  عباد بن يعقوب ،  قال : ثنا نوح بن دراج ،  عن سعد بن طريف ،  عن أبي جعفر   ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم   ) قال : العافية  . 
وقال آخرون : بل عني بذلك : بعض ما يطعمه الإنسان ، أو يشربه . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا ابن بشار ،  قال ثنا عبد الرحمن ،  قال : ثنا سفيان ،  عن بكير بن عتيق ،  قال : رأيت سعيد بن جبير  أتي بشربة عسل ، فشربها ، وقال : هذا النعيم الذي تسألون عنه  . 
حدثني علي بن سهل الرملي ،  قال : ثنا الحسن بن بلال ،  قال : ثنا حماد بن سلمة ،  عن عمار بن أبي عمار ،  قال : سمعت  جابر بن عبد الله  يقول : أتانا النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر  وعمر  رضي الله عنهما ، فأطعمناهم رطبا ، وسقيناهم ماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا من النعيم الذي تسألون عنه "  . 
حدثنا جابر بن الكردي ،  قال : ثنا  يزيد بن هارون ،  قال : ثنا حماد بن سلمة ،  عن عمار بن أبي عمار ،  قال : سمعت  جابر بن عبد الله  يقول : أتانا النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه . 
حدثني الحسن بن علي الصدائي ،  قال : ثنا الوليد بن القاسم ،  عن يزيد بن كيسان ،  عن أبي حازم ،  عن  أبي هريرة ،  قال : بينما أبو بكر  وعمر  رضي الله عنهما جالسان ؛ إذ جاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " ما أجلسكما هاهنا ؟ " قالا : الجوع . قال : " والذي بعثني بالحق ما أخرجني غيره " فانطلقوا حتى أتوا بيت رجل من الأنصار ،  فاستقبلتهم المرأة ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : " أين فلان ؟ " فقالت : ذهب يستعذب لنا ماء ، فجاء صاحبهم يحمل قربته ، فقال : مرحبا ، ما زار العباد شيء أفضل من شيء زارني اليوم ، فعلق قربته بكرب نخلة ، وانطلق فجاءهم بعذق ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ألا كنت اجتنيت ؟ " فقال : أحببت أن  [ ص: 584 ] تكونوا الذين تختارون على أعينكم ، ثم أخذ الشفرة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إياك والحلوب " فذبح لهم يومئذ ، فأكلوا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لتسألن عن هذا يوم القيامة ، أخرجكم من بيوتكم الجوع ، فلم ترجعوا حتى أصبتم هذا ، فهذا من النعيم "  . 
حدثنا أبو كريب ،  قال : ثنا يحيى بن أبي بكير ،  قال ثنا شيبان بن عبد الرحمن ،  عن  عبد الملك بن عمير ،  عن أبي سلمة ،  عن  أبي هريرة ،  قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر  وعمر   : " انطلقوا بنا إلى أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري "  ، فانطلق بهم إلى ظل حديقته ، فبسط لهم بساطا ، ثم انطلق إلى نخلة ، فجاء بقنو ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فهلا تنقيت لنا من رطبه ؟ " فقال : أردت أن تخيروا من رطبه وبسره ، فأكلوا وشربوا من الماء ; فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " هذا والذي نفسي بيده من النعيم ، الذي أنتم فيه مسئولون عنه يوم القيامة ، هذا الظل البارد ، والرطب البارد ، عليه الماء البارد  " . 
حدثني صالح بن مسمار المروزي ،  قال : ثنا  آدم بن أبي إياس ،  قال : ثنا شيبان ،  قال : ثنا  عبد الملك بن عمير ،  عن  أبي سلمة بن عبد الرحمن ،  عن  أبي هريرة ،  عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه ، إلا أنه قال في حديثه : " ظل بارد ، ورطب بارد ، وماء بارد  " . 
حدثنا علي بن عيسى البزاز ،  قال : ثنا سعيد بن سليمان ،  عن حشرج بن نباتة ،  قال : ثنا أبو بصيرة  عن  أبي عسيب ،  مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخل حائطا لبعض الأنصار ، فقال لصاحب الحائط : " أطعمنا بسرا " فجاء بعذق فوضعه ، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ثم دعا بماء بارد فشرب ، فقال : " لتسألن عن هذا يوم القيامة " فأخذ عمر  العذق ، فضرب به الأرض حتى تناثر البسر ، ثم قال : يا رسول الله ، إنا لمسئولون عن هذا ؟ قال : " نعم ، إلا من كسرة يسد بها جوعة ، أو حجر يدخل فيه من الحر والقر "  . 
حدثني سعيد بن عمرو السكوني ،  قال : ثنا بقية ، عن حشرج بن نباتة ،  قال : حدثني أبو بصيرة ،  عن  أبي عسيب  مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : مر بي النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعاني وخرجت ومعه أبو بكر  وعمر   [ ص: 585 ] رضي الله عنهما ، فدخل حائطا لبعض الأنصار ،  فأتي ببسر عذق منه ، فوضع بين يديه ، فأكل هو وأصحابه ، ثم دعا بماء بارد ، فشرب ، ثم قال : " لتسألن عن هذا يوم القيامة " فقال عمر : عن هذا يوم القيامة ؟ فقال : " نعم ، إلا من ثلاثة : خرقة كف بها عورته ، أو كسرة سد بها جوعتة ، أو جحر يدخل فيه من الحر والقر "  . 
حدثني يعقوب ،  قال : ثنا  ابن علية ،  عن الجريري ،  عن أبي بصيرة ،  قال : أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وناس من أصحابه أكلة من خبز شعير لم ينخل بلحم سمين ، ثم شربوا من جدول ، فقال : " هذا كله من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة "  . 
حدثنا مجاهد بن موسى ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا محمد بن عمرو ،  عن صفوان بن سليم ،  عن محمد بن محمود بن لبيد ،  قال : " لما نزلت ( ألهاكم التكاثر   ) فقرأها حتى بلغ : ( لتسألن يومئذ عن النعيم   ) قالوا : يا رسول الله ، عن أي النعيم نسأل ، وإنما هو الأسودان : الماء ، والتمر ، وسيوفنا على عواتقنا ، والعدو حاضر ! قال : " إن ذلك سيكون "  . 
حدثني يعقوب بن إبراهيم  والحسين بن علي الصدائي ،  قالا ثنا شبابة بن سوار ،  قال : ثني عبد الله بن العلاء أبو رزين الشامي ،  قال : ثنا الضحاك بن عرزم ،  قال : سمعت  أبا هريرة  يقول : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له : ألم نصح لك جسمك ، وترو من الماء البارد  " ؟ . 
حدثني يعقوب ،  قال : ثنا  ابن علية ،  قال : ثنا ليث ،  عن مجاهد ،  قال : قال أبو معمر عبد الله بن سخبرة   : ما أصبح أحد بالكوفة  إلا ناعما ، إن أهونهم عيشا الذي يأكل خبز البر ، ويشرب ماء الفرات ، ويستظل من الظل ، وذلك من النعيم  . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا مهران ،  عن إسماعيل بن عياش ،  عن عبد الرحمن بن الحارث التميمي ،  عن ثابت البناني ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " النعيم : المسئول عنه يوم القيامة : كسرة تقويه ، وماء يرويه ، وثوب يواريه  " . 
قال : ثنا مهران ،  عن إسماعيل بن عياش ،  عن بشر بن عبد الله بن بشار ،  قال : سمعت بعض أهل يمن  يقول : سمعت أبا أمامة  يقول : النعيم المسئول عنه يوم القيامة : خبز البر ، والماء العذب  . 
قال : ثنا مهران ، عن سفيان ،  عن بكير بن عتيق العامري ،  قال : أتي سعيد  [ ص: 586 ] بن جبير  بشربة عسل ، فقال : أما إن هذا النعيم الذي نسأل عنه يوم القيامة ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم   )  . 
حدثنا أبو كريب ،  قال : ثنا  وكيع ،  عن سفيان ،  عن بكير بن عتيق ،  عن سعيد بن جبير ،  أنه أتي بشربة عسل ، فقال : هذا من النعيم الذي تسألون عنه  . 
وقال آخرون : ذلك كل ما التذه الإنسان في الدنيا من شيء . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن عمرو ،  قال : ثنا أبو عاصم ،  قال : ثنا عيسى ;  وحدثني الحارث ،  قال : ثنا الحسن ،  قال : ثنا ورقاء ،  جميعا عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد ،  في قول الله : ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم   ) قال : عن كل شيء من لذة الدنيا  . 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة ،  قوله : ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم   ) إن الله عز وجل سائل كل عبد عما استودعه من نعمه وحقه  . 
حدثنا ابن عبد الأعلى ،  قال : ثنا ابن ثور ،  عن معمر ،  عن قتادة   ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم   ) قال : إن الله تعالى ذكره سائل كل ذي نعمة فيما أنعم عليه  . 
وكان الحسن  وقتادة  يقولان : ثلاث لا يسأل عنهن ابن آدم ، وما خلاهن فيه المسألة والحساب إلا ما شاء الله : كسوة يواري بها سوءته ، وكسرة يشد بها صلبه ، وبيت يظله  . 
والصواب من القول في ذلك : أن يقال : إن الله أخبر أنه سائل هؤلاء القوم عن النعيم ، ولم يخصص في خبره أنه سائلهم عن نوع من النعيم دون نوع ، بل عم بالخبر في ذلك عن الجميع ، فهو سائلهم كما قال عن جميع النعيم ، لا عن بعض دون بعض . 
آخر تفسير سورة ألهاكم 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					