[ ص: 373 ] القول في تأويل قوله تعالى ( ذلك تخفيف من ربكم ورحمة    ) 
قال أبو جعفر   : يعني تعالى ذكره بقوله : " ذلك " ، هذا الذي حكمت به وسننته لكم ، من إباحتي لكم - أيتها الأمة - العفو عن القصاص من قاتل قتيلكم ، على دية تأخذونها فتملكونها ملككم سائر أموالكم التي كنت منعتها من قبلكم من الأمم السالفة " تخفيف من ربكم  ، يقول : تخفيف مني لكم مما كنت ثقلته على غيركم ، بتحريم ذلك عليهم " ورحمة " ، مني لكم . كما : - 
2593 - حدثنا أبو كريب  وأحمد بن حماد الدولابي  قالا حدثنا سفيان  ، عن  عمرو بن دينار  ، عن مجاهد  عن ابن عباس  قال : كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية ، فقال الله في هذه الآية : " كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر   " إلى قوله : " فمن عفي له من أخيه شيء   " ، فالعفو : أن يقبل الدية في العمد " ذلك تخفيف من ربكم   " . يقول : خفف عنكم ما كان على من كان قبلكم : أن يطلب هذا بمعروف ، ويؤدي هذا بإحسان .  [ ص: 374 ] 
2594 - حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق  قال : حدثنا أبي قال : حدثنا  عبد الله بن المبارك  ، عن محمد بن مسلم  ، عن  عمرو بن دينار  عن مجاهد  عن ابن عباس  قال : كان من قبلكم يقتلون القاتل بالقتيل ، لا تقبل منهم الدية ، فأنزل الله : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر   " إلى آخر الآية ، " ذلك تخفيف من ربكم   " ، يقول : خفف عنكم ، وكان على من قبلكم أن الدية لم تكن تقبل ، فالذي يقبل الدية ذلك منه عفو . 
2595 - حدثني المثنى  قال : حدثنا الحجاج بن المنهال  قال : حدثنا حماد بن سلمة  قال : أخبرنا  عمرو بن دينار  ، عن جابر بن زيد  ، عن ابن عباس   : " ذلك تخفيف من ربكم ورحمة   " - مما كان على بني إسرائيل ، يعني : من تحريم الدية عليهم . 
2596 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  عن ابن عباس  قالا : كان على بني إسرائيل قصاص في القتل ، ليس بينهم دية في نفس ولا جرح ، وذلك قول الله : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين   ) الآية كلها [ سورة المائدة : 45 ] ، وخفف الله عن أمة محمد  صلى الله عليه وسلم ، فقبل منهم الدية في النفس وفي الجراحة ، وذلك قوله تعالى : " ذلك تخفيف من ربكم   " بينكم . 
2597 - حدثنا بشر بن معاذ  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد  عن قتادة  قوله : " ذلك تخفيف من ربكم ورحمة   " ، وإنما هي رحمة رحم الله بها هذه الأمة ، أطعمهم الدية ، وأحلها لهم ، ولم تحل لأحد قبلهم . فكان أهل التوراة إنما هو القصاص أو العفو ، وليس بينهما أرش ، وكان أهل الإنجيل إنما هو عفو ، أمروا به . فجعل الله لهذه الأمة القود والعفو والدية إن شاءوا ، أحلها لهم ، ولم تكن لأمة قبلهم  . 
2598 - حدثت عن عمار بن الحسن  قال : حدثنا ابن أبي جعفر  ، عن  [ ص: 375 ] أبيه ، عن الربيع  بمثله سواء ، غير أنه قال : ليس بينهما شيء . 
2599 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا معمر  عن قتادة  في قوله : " كتب عليكم القصاص في القتلى   " قال : لم يكن لمن قبلنا دية ، إنما هو القتل أو العفو إلى أهله . فنزلت هذه الآية في قوم كانوا أكثر من غيرهم . 
2600 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج  ، عن  ابن جريج  قال : وأخبرني  عمرو بن دينار  عن ابن عباس  قال : إن بني إسرائيل كان كتب عليهم القصاص ، وخفف عن هذه الأمة - وتلا  عمرو بن دينار   : " ذلك تخفيف من ربكم ورحمة   " . 
وأما على قول من قال : القصاص في هذه الآية معناه : قصاص الديات بعضها من بعض ، على ما قاله  السدي  فإنه ينبغي أن يكون تأويله : هذا الذي فعلت بكم أيها المؤمنون من قصاص ديات قتلى بعضكم بديات بعض ، وترك إيجاب القود على الباقين منكم بقتيله الذي قتله وأخذه بديته تخفيف مني عنكم ثقل ما كان عليكم من حكمي عليكم بالقود أو الدية ، ورحمة مني لكم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					