[ ص: 94 ] القول في تأويل قوله تعالى ( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج    ) 
قال أبو جعفر   : يعني بذلك جل ثناؤه : فما استيسر من الهدي ، فهديه جزاء لاستمتاعه بإحلاله من إحرامه الذي حل منه حين عاد لقضاء حجته التي أحصر فيها ، وعمرته التي كانت لزمته بفوت حجته ، فإن لم يجد هديا فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج في حجه ، وسبعة إذا رجع إلى أهله . 
ثم اختلف أهل التأويل في الثلاثة أيام التي أوجب الله عليه صومهن في الحج : أي في أيام الحج هن . 
فقال بعضهم : هن ثلاثة أيام من أيام حجه ، أي أيام شاء ، بعد أن لا يتجاوز بآخرهن يوم عرفة   . 
ذكر من قال ذلك : 
3438 - حدثني الحسين بن محمد الذارع ،  قال : حدثنا حميد بن الأسود ،  قال : حدثنا  جعفر بن محمد ،  عن أبيه عن علي  رضي الله عنه : " فصيام ثلاثة أيام في الحج   " ، قال : قبل التروية يوما ، ويوم التروية ، ويوم عرفة   . 
3439 - حدثنا أبو كريب ،  قال : حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن نصر ،  عن ابن أبي حبيبة ،  عن  داود بن حصين ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس  أنه قال : الصيام للمتمتع ما بين إحرامه إلى يوم عرفة   .  [ ص: 95 ] 
3440 - حدثنا ابن حميد ،  قال : حدثنا سلمة ،  عن ابن إسحاق ،  عن نافع ،  عن ابن عمر  في قوله : " فصيام ثلاثة أيام في الحج   " ، قال : يوم قبل التروية ، ويوم التروية ، ويوم عرفة ،  وإذا فاته صامها أيام منى   . 
3441 - حدثنا الحسين بن محمد الذارع ،  قال : حدثنا حميد بن الأسود ،  عن  هشام بن عروة ،  عن عروة ،  قال : المتمتع يصوم قبل التروية يوما ، ويوم التروية ، ويوم عرفة   . 
3442 - حدثنا ابن بشار ،  قال : حدثنا محمد بن جعفر ،  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة ،  عن الحسن  في قوله : " فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج   " ، قال : آخرهن يوم عرفة   . 
3443 - حدثنا  محمد بن المثنى ،  قال : حدثنا محمد بن جعفر ،  عن شعبة ،  قال : سألت الحكم  عن صوم ثلاثة أيام في الحج ، قال : يصوم قبل التروية يوما ، ويوم التروية ، ويوم عرفة   . 
3444 - حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ،  قال : حدثنا  عبد الله بن نمير ،  عن الأعمش ،  عن إبراهيم   : " فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام   " أنه قال : آخرها يوم عرفة   . 
3445 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا هشيم ،  قال : حدثنا أبو بشر ،  عن سعيد بن جبير  أنه قال في المتمتع إذا لم يجد الهدي : صام يوما قبل يوم التروية ، ويوم التروية ، ويوم عرفة   . 
3446 - حدثنا ابن حميد ،  قال : حدثنا  حكام بن سلم ،  وهارون عن عنبسة ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن عطاء ،  قال : يصوم المتمتع الثلاثة الأيام لمتعته في العشر  [ ص: 96 ] إلى يوم عرفة   . 
قال : وسمعت  مجاهدا   وطاوسا  يقولان : إذا صامهن في أشهر الحج أجزأه . 
3447 - حدثنا ابن حميد ،  قال : حدثنا حكام  وهارون  عن عنبسة ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد ،  قال : صوم ثلاثة أيام للمتمتع ، إذا لم يجد ما يهدي ، يصوم في العشر إلى يوم عرفة  متى صام أجزأه ، فإن صام الرجل في شوال أو ذي القعدة أجزأه  . 
3448 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ،  قال : حدثنا بشر بن بكر ،  عن الأوزاعي ،  قال : حدثني يعقوب بن عطاء ،  أن عطاء بن أبي رباح ،  كان يقول : من استطاع أن يصومهن فيما بين أول يوم من ذي الحجة إلى يوم عرفة  فليصم . 
3449 - حدثني يعقوب ،  قال : حدثنا  ابن علية ،  عن يونس ،  عن الحسن  في قوله : " فصيام ثلاثة أيام في الحج   " قال : آخرها يوم عرفة   . 
3450 - حدثنا يعقوب ،  قال : حدثنا  ابن علية ،  عن داود  وحدثنا  محمد بن المثنى  قال : حدثنا عبد الوهاب ،  قال : حدثنا داود  عن عامر  في هذه الآية : " فصيام ثلاثة أيام في الحج   " ، قال : قبل يوم التروية يوما ، ويوم التروية ، ويوم عرفة   . 
3451 - حدثني محمد بن عمرو ،  قال : حدثنا أبو عاصم ،  قال : حدثنا عيسى ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   : " فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج   " آخرهن يوم عرفة  من ذي الحجة  . 
3452 - حدثني المثنى ،  قال : حدثنا أبو حذيفة ،  قال : حدثنا شبل ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد ،  مثله . 
3453 - حدثنا بشر ،  قال : حدثنا يزيد ،  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله : " فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج   " قال : كان يقال عرفة  وما قبلها يومين من العشر  .  [ ص: 97 ] 
3454 - حدثنا موسى بن هارون ،  قال : حدثنا عمرو بن حماد ،  قال : حدثنا أسباط ،  عن  السدي   :  " فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج   " ، قال : فآخرها يوم عرفة   . 
3455 - حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي ،  قال : حدثنا أبو أحمد ،  قال : أخبرنا إسرائيل ،  عن سالم ،  عن سعيد بن جبير   : " فصيام ثلاثة أيام في الحج   " قال : آخرها يوم عرفة   . 
3456 - حدثنا أحمد بن إسحاق ،  قال : حدثنا أبو أحمد ،  قال : حدثنا فطر ،  عن عطاء   : " فصيام ثلاثة أيام في الحج   " قال : آخرها يوم عرفة   . 
3457 - حدثت عن عمار ،  قال : حدثنا ابن أبي جعفر ،  عن أبيه ، عن الربيع  في قوله : " فصيام ثلاثة أيام في الحج   " قال : عرفة  وما قبلها من العشر  . 
3458 - حدثنا ابن حميد ،  قال : حدثنا جرير ،  عن منصور ،  عن مجاهد  وإبراهيم ،  قالا" صيام ثلاثة أيام في الحج" ، في العشر ، آخرهن عرفة   . 
3459 - حدثنا  ابن المثنى ،  قال : حدثنا محمد بن جعفر ،  قال : حدثنا شعبة ،  عن يزيد بن خمير ،  قال : سألت  طاوسا  عن صيام ثلاثة أيام في الحج ، قال : آخرهن يوم عرفة   . 
3460 - حدثني محمد بن سعد ،  قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله : " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج   " إلى : " وسبعة إذا رجعتم   " ، وهذا على المتمتع بالعمرة إذا لم يجد هديا ، فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج قبل يوم عرفة ،  فإن كان يوم عرفة  الثالث فقد تم صومه وسبعة إذا رجع إلى أهله  . 
3461 - حدثني أحمد بن إسحاق ،  قال : حدثنا أبو أحمد ،  قال : حدثنا زياد بن المنذر ،  عن أبي جعفر : "  فصيام ثلاثة أيام في الحج   " قال : آخرها يوم عرفة   .  [ ص: 98 ] 
وقال آخرون : بل آخرهن انقضاء يوم منى   . 
ذكر من قال ذلك : 
3462 - حدثني علي بن سهل ،  قال : حدثنا مؤمل ،  قال : حدثنا سفيان ،  عن  جعفر بن محمد ،  عن أبيه أن عليا  كان يقول : من فاته صيام ثلاثة أيام في الحج صامهن أيام التشريق  . 
3463 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن  ابن أخي ابن وهب ،  قال : حدثني عمي  عبد الله بن وهب ،  قال : حدثني يونس  عن الزهري ،  عن عروة بن الزبير ،  قال : قالت عائشة   : يصوم المتمتع الذي يفوته الصيام أيام منى   . 
3464 - حدثني يعقوب ،  قال : حدثنا  ابن علية ،  قال : حدثنا أيوب ،  عن نافع ،  قال : قال ابن عمر   : من فاته صيام الثلاثة الأيام في الحج ، فليصم أيام التشريق فإنهن من الحج  . 
3465 - حدثني يونس ،  قال : أخبرنا ابن وهب ،  قال : أخبرني عمر بن محمد  أن  نافعا  حدثه : أن عبد الله بن عمر  قال : من اعتمر في أشهر الحج فلم يكن معه هدي ولم يصم الثلاثة الأيام قبل أيام التشريق ، فليصم أيام منى   . 
3466 - حدثنا  ابن المثنى ،  قال : حدثنا محمد بن جعفر ،  قال : حدثنا شعبة ،  قال : سمعت عبد الله بن عيسى بن أبي ليلى  يحدث عن الزهري ،  عن عروة ،  عن عائشة  وعن سالم ،  عن عبد الله بن عمر  أنهما قالا لم يرخص في أيام التشريق أن يصوم إلا لمن يجد هديا  . 
3467 - حدثنا  ابن المثنى ،  قال : حدثنا عبد الأعلى ،  قال : حدثنا هشام ،  عن عبيد الله ،  عن نافع ،  عن ابن عمر  قال : إذا لم يصم الثلاثة الأيام قبل النحر صام أيام التشريق ، فإنها من أيام الحج  . 
وذكر  هشام بن عروة ،  عن أبيه ، عن عائشة  قال : 
3468 - حدثنا المثنى ،  قال : حدثنا حجاج ،  قال : حدثنا حماد  عن هشام  [ ص: 99 ] بن عروة ،  عن أبيه في هذه الآية : " فصيام ثلاثة أيام في الحج   " قال : هي أيام التشريق  . 
3469 - حدثنا ابن وكيع ،  قال : حدثنا أبي ، عن يونس ،  عن أبي إسحاق ،  عن وبرة ،  عن ابن عمر  قال : يصوم يوما قبل التروية ، ويوم التروية ، ويوم عرفة   . قال : وقال  عبيد بن عمير   : يصوم أيام التشريق . 
قال أبو جعفر   : وعلة من قال : " آخر الثلاثة الأيام التي أوجب الله صومهن في الحج على من لم يجد الهدي من المتمتعين - يوم عرفة   " ، أن الله جل ثناؤه أوجب صومهن في الحج بقوله : " فصيام ثلاثة أيام في الحج   " . قالوا : وإذا انقضى يوم عرفة ،  فقد انقضى الحج ، لأن يوم النحر يوم إحلال من الإحرام . قالوا : وقد أجمع الجميع أنه غير جائز له صوم يوم النحر . قالوا : فإن يكن إجماعهم على أن ذلك له غير جائز ، من أجل أنه ليس من أيام الحج ، فأيام التشريق بعده أحرى أن لا تكون من أيام الحج ، لأن أيام الحج متى انقضت من سنة ، فلن تعود إلى سنة أخرى بعدها . أو يكون إجماعهم على أن ذلك له غير جائز ، من أجل أنه يوم عيد ، فأيام التشريق التي بعده في معناه ؛ لأنها أيام عيد ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن صومهن ، كما نهى عن صوم يوم النحر .
قالوا : وإذا كان يفوت صومهن بمضي يوم عرفة ،  لم يكن إلى صيامهن في الحج سبيل; لأن الله شرط صومهن في الحج ، فلم يجز عنه إلا الهدي الذي فرضه الله عليه لمتعته . 
وعلة من قال : " آخر الأيام الثلاثة التي ذكرها الله في كتابه انقضاء آخر أيام منى   " ، أن الله أوجب على المتمتع ما استيسر من الهدي ، ثم الصيام إن لم يجد إلى الهدي سبيلا . قالوا : وإنما يجب عليه نحر هدي المتعة يوم النحر ، ولو كان له واجدا قبل ذلك . قالوا : فإذا كان ذلك كذلك فإنما رخص له في الصوم يوم يلزمه نحر الهدي فلا يجد إليه سبيلا . قالوا : والوقت الذي يلزمه  [ ص: 100 ] فيه نحر الهدي يوم النحر والأيام التي بعده من أيام النحر ، فأما قبل ذلك فلم يمكن نحره . قالوا : فإذا كان النحر لم يكن له لازما قبل ذلك ، وإنما لزمه يوم النحر ، فإنما لزمه الصوم يوم النحر ، وذلك حين عدم الهدي فلم يجده ، فوجب عليه الصوم . قالوا : وإذا كان ذلك كذلك ، فالصوم إنما يلزمه أوله في اليوم الذي يلي يوم النحر . وذلك أن النحر إنما كان لزمه من بعد طلوع الفجر . ومن ذلك الوقت إذا لم يجده ، يكون له الصوم . قالوا : وإذا طلع فجر يوم لم يلزمه صومه قبل ذلك ، إذا كان الصوم لا يكون في بعض نهار يوم في واجب ، علم أن الواجب عليه الصوم من اليوم الذي يليه إلى انقضاء الأيام الثلاثة بعد يوم النحر من أيام التشريق . 
قالوا : ولا معنى لقول القائل : إن أيام منى  ليست من أيام الحج; لأنهن ينسك فيهن بالرمي والعكوف على عمل الحج ، كما ينسك غير ذلك من أعمال الحج في الأيام قبلها . قالوا : هذا مع شهادة الخبر الذي : - 
3470 - حدثني به محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ،  قال : حدثنا يحيى بن سلام  أن شعبة  حدثه عن  ابن أبي ليلى ،  عن الزهري ،  عن سالم بن عبد الله بن عمر ،  عن أبيه ، قال : رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتمتع إذا لم يجد الهدي ولم يصم حتى فاتته أيام العشر ، أن يصوم أيام التشريق مكانها  .  [ ص: 101 ] 
لصحة ما قلنا في ذلك من القول وخطأ قول من خالف قولنا فيه . 
3471 - حدثني يعقوب ،  قال : حدثني هشيم ،  عن سفيان بن حسين ،  عن الزهري ،  قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم  عبد الله بن حذافة بن قيس ،  فنادى في أيام التشريق ، فقال : إن هذه أيام أكل وشرب وذكر لله ، إلا من كان عليه صوم من هدي  . 
واختلف أهل العلم في أول الوقت الذي يجب على المتمتع الابتداء في صوم الأيام الثلاثة  التي قال الله عز وجل : " فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج   " ، والوقت الذي يجوز له فيه صومهن ، وإن لم يكن واجبا عليه فيه صومهن . 
فقال بعضهم : له أن يصومهن من أول أشهر الحج . 
ذكر من قال ذلك : 
3472 - حدثنا ابن حميد ،  قال : حدثنا حكام  وهارون ،  عن عنبسة ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   وطاوس   : أنهما كانا يقولان : إذا صامهن في أشهر الحج أجزأه . قال : وقال مجاهد   : إذا لم يجد المتمتع ما يهدي ، فإنه يصوم في العشر إلى يوم عرفة ،  متى ما صام أجزأه . فإن صام الرجل في شوال أو ذي القعدة أجزأه  .  [ ص: 102 ] 
3473 - حدثني أحمد بن المغيرة ،  قال : حدثنا  يحيى بن سعيد القطان ،  قال : حدثنا  محمد بن مسلم الطائفي ،  عن عبد الله بن أبي نجيح ،  عن مجاهد ،  قال : من صام يوما في شوال ويوما في ذي القعدة ويوما في ذي الحجة ، أجزأه عنه من صوم التمتع  . 
3474 - حدثنا أحمد بن إسحاق ،  قال : حدثنا أبو أحمد ،  قال : حدثنا شريك ،  عن ليث ،  عن مجاهد ،  قال : إن شاء صام أول يوم من شوال . 
3475 - حدثنا ابن حميد ،  قال : حدثنا جرير ،  عن ليث ،  عن مجاهد  في قول الله جل وعز : " فصيام ثلاثة أيام في الحج   " ، قال : إن شاء صامها في العشر ، وإن شاء في ذي القعدة ، وإن شاء في شوال  . 
وقال آخرون : يصومهن في عشر ذي الحجة دون غيرها . 
ذكر من قال ذلك : 
3476 - حدثنا ابن حميد ،  قال : حدثنا حكام  وهارون ،  عن عنبسة ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن عطاء   : يصوم الثلاثة الأيام للمتعة في العشر إلى يوم عرفة   . 
3477 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ،  قال : حدثنا بشر بن بكر ،  عن الأوزاعي ،  قال : حدثني يعقوب  أن عطاء بن أبي رباح  كان يقول : من استطاع أن يصومهن فيما بين أول يوم من ذي الحجة إلى يوم عرفة ،  فليصم . 
3478 - حدثنا ابن بشار ،  قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ،  قال : حدثنا سفيان ،  عن  ابن جريج ،  عن عطاء  قال : ولا بأس أن يصوم المتمتع في العشر وهو حلال . 
3479 - حدثنا أحمد بن إسحاق ،  قال : حدثنا أبو أحمد ،  قال : حدثنا أبو شهاب ،  عن الحجاج ،  عن أبي جعفر ،  قال : لا يصام إلا في العشر .  [ ص: 103 ] 
3480 - حدثني أحمد بن حازم ،  قال : حدثنا أبو نعيم ،  قال : حدثنا الربيع ،  عن عطاء  أنه كان يقول في صيام ثلاثة أيام في الحج ، قال : في تسع من ذي الحجة أيها شئت ، فمن صام قبل ذلك في شوال وفي ذي القعدة ، فهو بمنزلة من لم يصم  . 
وقال آخرون : له أن يصومهن قبل الإحرام بالحج . 
ذكر من قال ذلك : 
3481 - حدثني يعقوب ،  قال : حدثنا  ابن علية ،  قال : أخبرنا أيوب ،  عن عكرمة ،  قال : إذا خشي أن لا يدرك الصوم بمكة  صام بالطريق يوما أو يومين . 
3482 - حدثنا أحمد بن إسحاق ،  قال : حدثنا أبو أحمد ،  قال : حدثنا سفيان ،  عن  ابن جريج ،  عن عطاء ،  قال : لا بأس أن تصوم الثلاثة الأيام في المتعة وأنت حلال  . 
وقال آخرون : لا يجوز أن يصومهن إلا بعد ما يحرم بالحج . 
ذكر من قال ذلك : 
3483 - حدثنا ابن بشار ،  قال : حدثنا ابن مهدي ،  قال : حدثنا سفيان ،  عن  ابن جريج ،  عن نافع ،  عن ابن عمر ،  قال : لا يصومهن إلا وهو حرام . 
3484 - حدثنا أبو كريب ،  قال : حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن نصر ،  عن ابن أبي حبيبة ،  عن  داود بن حصين ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس  أنه قال : الصيام للمتمتع ما بين إحرامه إلى يوم عرفة   . 
3485 - حدثنا أحمد بن إسحاق ،  قال : حدثنا أبو أحمد ،  قال : حدثنا سفيان ،  عن  ابن جريج ،  عن نافع ،  عن ابن عمر ،  قال : لا يجزيه صوم ثلاثة أيام وهو  [ ص: 104 ] متمتع إلا أن يحرم . وقال مجاهد   : يجزيه إذا صام في ذي القعدة . 
قال أبو جعفر   : والصواب من القول في ذلك عندي أن للمتمتع أن يصوم الأيام الثلاثة التي أوجب الله عليه صومهن لمتعته إذا لم يجد ما استيسر من الهدي ، من أول إحرامه بالحج بعد قضاء عمرته واستمتاعه بالإحلال إلى حجه ، إلى انقضاء آخر عمل حجه وذلك بعد انقضاء أيام منى  سوى يوم النحر ، فإنه غير جائز له صومه ابتدأ صومهن قبله ، أو ترك صومهن فأخره حتى انقضاء يوم عرفة   . 
وإنما قلنا : له صوم أيام التشريق ، لما ذكرنا من العلة لقائل ذلك قبل ، فإن صامهن قبل إحرامه بالحج فإنه غير مجزئ صومه ذلك من الواجب عليه من الصوم الذي فرضه الله عليه لمتعته . وذلك أن الله جل وعز إنما أوجب الصوم على من لم يجد هديا ممن استمتع بعمرته إلى حجه ، فالمعتمر قبل إحلاله من عمرته وقبل دخوله في حجه غير مستحق اسم" متمتع" بعمرته إلى حجه . وإنما يقال له قبل إحرامه" معتمر" ، حتى يدخل بعد إحلاله في الحج قبل شخوصه عن مكة   . فإذا دخل في الحج محرما به - بعد قضاء عمرته في أشهر الحج ، ومقامه بمكة  بعد قضاء عمرته حلالا حتى حج من عامه - سمي "متمتعا" . فإذا استحق اسم "متمتع" لزمه الهدي ، وحينئذ يكون له الصوم بعدمه الهدي إن عدمه فلم يجده . 
فأما إن صامه قبل دخوله في الحج - وإن كان من نيته الحج - فإنما هو رجل صام صوما ينوي به قضاء عما عسى أن يلزمه أو لا يلزمه ، فسبيله سبيل رجل معسر صام ثلاثة أيام ينوي بصومهن كفارة يمين ، ليمين يريد أن يحلف بها ويحنث فيها ، وذلك ما لا خلاف بين الجميع أنه غير مجزئ من كفارة إن حلف بها بعد الصوم فحنث .  [ ص: 105 ] 
فإن ظن ظان أن صوم المعتمر - بعد إحلاله من عمرته ، أو قبله ، وقبل دخوله في الحج - مجزئ عنه من الصوم الذي أوجبه الله عليه إن تمتع بعمرته إلى الحج ، نظير ما أجزأ الحالف بيمين إذا كفر عنها قبل حنثه فيها بعد حلفه بها فقد ظن خطأ ؛ لأن الله جل ثناؤه جعل لليمين تحليلا هو غير تكفير ، فالفاعل فيها قبل الحنث فيها ما يفعله المكفر بعد حنثه فيها ، محلل غير مكفر . والمتمتع إذا صام قبل تمتعه صائم تكفيرا لما يظن أنه يلزمه ولما يلزمه ، وهو كالمكفر عن قتل صيد يريد قتله وهو محرم قبل قتله ، وعن تطيب قبل تطيبه . 
ومن أبى ما قلنا في ذلك ممن زعم أن للمعتمر الصوم قبل إحرامه بالحج ، قيل له : ما قلت فيمن كفر من المحرمين عن الواجب على من ترك رمي الجمرات أيام منى  يوم عرفة ،  وهو ينوي ترك الجمرات ، ثم أقام بمنى  أيام منى  حتى انقضت تاركا رمي الجمرات ، هل يجزيه تكفيره ذلك عن الواجب عليه في ترك ما ترك من ذلك؟ 
فإن زعم أن ذلك يجزيه ، سئل عن مثل ذلك في جميع مناسك الحج التي أوجب الله في تضييعه على المحرم ، أو في فعله ، كفارة ، فإن سوى بين جميع ذلك قاد قوله ، 
وسئل عن نظير ذلك في العازم على أن يجامع في شهر رمضان ، وهو مقيم صحيح ، إذا كفر قبل دخول الشهر ، ودخل الشهر ففعل ما كان عازما عليه هل تجزيه كفارته التي كفر عن الواجب من وطئه ذلك ، وكذلك يسأل عمن أراد أن يظاهر من امرأته ، فإن قاد قوله في ذلك ، خرج من قول جميع الأمة .  [ ص: 106 ] 
وإن أبى شيئا من ذلك ، سئل الفرق بينه وبين الصائم لمتعته قبل تمتعه وقبل إحرامه بالحج ، ثم عكس عليه القول في ذلك ، فلن يقول في أحدهما شيئا إلا ألزم في الآخر مثله . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					