القول في تأويل قوله ( وأنزل الفرقان   )  
قال أبو جعفر   : يعني - جل ثناؤه - بذلك : وأنزل الفصل بين الحق والباطل فيما اختلفت فيه الأحزاب وأهل الملل في أمر عيسى  وغيره . 
وقد بينا فيما مضى أن " الفرقان " إنما هو " الفعلان " من قولهم : " فرق الله  [ ص: 163 ] بين الحق والباطل " فصل بينهما بنصره الحق على الباطل ، إما بالحجة البالغة ، وإما بالقهر والغلبة بالأيد والقوة . 
وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، غير أن بعضهم وجه تأويله إلى أنه فصل بين الحق والباطل في أمر عيسى  وبعضهم إلى أنه فصل بين الحق والباطل في أحكام الشرائع . 
ذكر من قال : معناه : " الفصل بين الحق والباطل في أمر عيسى  والأحزاب " : 
6561 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا سلمة  عن ابن إسحاق  عن محمد بن جعفر بن الزبير   : " وأنزل الفرقان " أي الفصل بين الحق والباطل فيما اختلف فيه الأحزاب من أمر عيسى  وغيره . 
ذكر من قال : معنى ذلك : " الفصل بين الحق والباطل في الأحكام وشرائع الإسلام " : 
6562 - حدثنا بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد  عن قتادة   : " وأنزل الفرقان " هو القرآن ، أنزله على محمد ،  وفرق به بين الحق والباطل ، فأحل فيه حلاله وحرم فيه حرامه ، وشرع فيه شرائعه ، وحد فيه حدوده ، وفرض فيه فرائضه ، وبين فيه بيانه ، وأمر بطاعته ، ونهى عن معصيته . 
6563 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا ابن أبي جعفر  عن أبيه ، عن الربيع   : " وأنزل الفرقان " قال : الفرقان ، القرآن ، فرق بين الحق والباطل .  [ ص: 164 ] 
قال أبو جعفر   : والتأويل الذي ذكرناه عن محمد بن جعفر بن الزبير  في ذلك ، أولى بالصحة من التأويل الذي ذكرناه عن قتادة  والربيع  وأن يكون معنى " الفرقان " في هذا الموضع فصل الله بين نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - والذين حاجوه في أمر عيسى ،  وفي غير ذلك من أموره ، بالحجة البالغة القاطعة عذرهم وعذر نظرائهم من أهل الكفر بالله . 
وإنما قلنا : هذا القول أولى بالصواب ، لأن إخبار الله عن تنزيله القرآن - قبل إخباره عن تنزيله التوراة والإنجيل في هذه الآية - قد مضى بقوله : " نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه   " . ولا شك أن ذلك " الكتاب " هو القرآن لا غيره ، فلا وجه لتكريره مرة أخرى ، إذ لا فائدة في تكريره ، ليست في ذكره إياه وخبره عنه ابتداء . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					