[ ص: 407 ] القول في تأويل قوله ( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم    ) 
قال أبو جعفر   : يعني - جل ثناؤه - بقوله : " وما كنت لديهم   " وما كنت ، يا محمد ،  عندهم فتعلم ما نعلمكه من أخبارهم التي لم تشهدها ، ولكنك إنما تعلم ذلك فتدرك معرفته ، بتعريفناكه . 
ومعنى قوله : " لديهم " عندهم . 
ومعنى قوله : " إذ يلقون " ، حين يلقون أقلامهم . 
وأما " أقلامهم " فسهامهم التي استهم بها المستهمون من بني إسرائيل على كفالة مريم ،  على ما قد بينا قبل في قوله : " وكفلها زكريا   " . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
7052 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا هشام بن عمرو ،  عن سعيد ،  عن قتادة  في قوله : " وما كنت لديهم   " يعني محمدا   - صلى الله عليه وسلم - . 
7053 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم  قال : حدثنا عيسى ،   [ ص: 408 ] عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   : " يلقون أقلامهم  ، زكريا  وأصحابه ، استهموا بأقلامهم على مريم  حين دخلت عليهم . 
7054 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  مثله . 
7055 - حدثنا بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله : " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون   " كانت مريم  ابنة إمامهم وسيدهم ، فتشاح عليها بنو إسرائيل ، فاقترعوا فيها بسهامهم أيهم يكفلها ، فقرعهم زكريا ،  وكان زوج أختها ، " فكفلها زكريا " يقول : ضمها إليه . 
7056 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا معمر ،  عن قتادة  في قوله : " يلقون أقلامهم   " قال : تساهموا على مريم أيهم يكفلها ، فقرعهم زكريا   . 
7057 - حدثني محمد بن سعد  قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله : " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم   " وإن مريم  لما وضعت في المسجد ، اقترع عليها أهل المصلى وهم يكتبون الوحي ، فاقترعوا بأقلامهم أيهم يكفلها ، فقال الله - عز وجل - لمحمد   - صلى الله عليه وسلم - : " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون " . 
7058 - حدثت عن الحسين  قال : سمعت أبا معاذ ،  قال : أخبرنا عبيد   [ ص: 409 ] قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله : " إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم   " اقترعوا بأقلامهم أيهم يكفل مريم ، فقرعهم زكريا   . 
7059 - حدثنا محمد بن سنان  قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ،  عن عباد ،  عن الحسن  في قوله : " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم   " قال : حيث اقترعوا على مريم ،  وكان غيبا عن محمد   - صلى الله عليه وسلم - حين أخبره الله . 
وإنما قيل : " أيهم يكفل مريم " لأن إلقاء المستهمين أقلامهم على مريم ،  إنما كان لينظروا أيهم أولى بكفالتها وأحق . ففي قوله - عز وجل - : " إذ يلقون أقلامهم " دلالة على محذوف من الكلام ، وهو : " لينظروا أيهم يكفل ، وليتبينوا ذلك ويعلموه " . 
فإن ظن ظان أن الواجب في " أيهم " النصب ، إذ كان ذلك معناه ، فقد ظن خطأ . وذلك أن " النظر " و " التبين " و " العلم " مع " أي " يقتضي استفهاما واستخبارا ، وحظ " أي " في الاستخبار ، الابتداء وبطول عمل المسألة والاستخبار عنه . وذلك أن معنى قول القائل : " لأنظرن أيهم قام " لأستخبرن الناس : أيهم قام ، وكذلك قولهم : " لأعلمن " . 
وقد دللنا فيما مضى قبل أن معنى " يكفل " يضم ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					