( أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى     ( 128 ) ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى    ( 129 ) فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى    ( 130 ) ) 
( أفلم يهد لهم    ) يبين لهم القرآن ، يعني : كفار مكة  ، ( كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم    ) ديارهم ومنازلهم إذا سافروا . والخطاب لقريش كانوا يسافرون إلى الشام  فيرون ديار المهلكين من أصحاب الحجر  وثمود  وقريات لوط    . 
( إن في ذلك لآيات لأولي النهى    ) لذوي العقول . ( ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى    ) فيه تقديم وتأخير ، تقديره : ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى ، والكلمة الحكم بتأخير العذاب عنهم ، أي ولولا حكم سبق بتأخير العذاب عنهم ، وأجل مسمى وهو القيامة لكان لزاما ، أي لكان العذاب لازما لهم كما لزم القرون الماضية الكافرة . ( فاصبر على ما يقولون    ) نسختها آية القتال ( وسبح بحمد ربك    ) ، أي صل بأمر ربك . وقيل : صل لله بالحمد له والثناء عليه ، ( قبل طلوع الشمس    ) يعني صلاة الصبح ، ( وقبل غروبها    ) صلاة العصر ، ( ومن آناء الليل    ) ساعاتها ، واحدها إني ، ( فسبح ) يعني صلاة المغرب والعشاء . قال ابن عباس    : يريد أول الليل ، ( وأطراف النهار    ) يعني صلاة الظهر ، وسمى وقت الظهر أطراف النهار لأن وقته عند الزوال ، وهو طرف النصف الأول انتهاء وطرف النصف الآخر ابتداء . 
وقيل : المراد من آناء الليل صلاة العشاء ، ومن أطراف النهار صلاة الظهر والمغرب ، لأن الظهر في   [ ص: 303 ] آخر الطرف الأول من النهار ، وفي أول الطرف الآخر ، فهو في طرفين منه والطرف الثالث غروب الشمس ، وعند ذلك يصلى المغرب . 
( لعلك ترضى    ) أي ترضى ثوابه في المعاد ، وقرأ الكسائي  وأبو بكر  عن عاصم    " ترضى " بضم التاء أي تعطى ثوابه . وقيل : ( ترضى ) أي يرضاك الله تعالى ، كما قال : " وكان عند ربه مرضيا    " ( مريم : 55 ) وقيل : معنى الآية لعلك ترضى بالشفاعة ، كما قال : " ولسوف يعطيك ربك فترضى    " ( الضحى : 5 ) . 
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن العباس الخطيب الحميدي  ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ  ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني  إملاء ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله السعدي  ، أخبرنا  يزيد بن هارون  ، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد  ، عن  قيس بن أبي حازم  ، عن  جرير بن عبد الله  قال : كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر ، فقال : " إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا " ، ثم قرأ ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها    )   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					