( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له  إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب    ( 73 ) ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز    ( 74 ) الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير    ( 75 ) ) 
( يا أيها الناس ضرب مثل    ) معنى ضرب : جعل ، كقولهم : ضرب السلطان البعث على الناس ، وضرب الجزية على أهل الذمة  ، أي : جعل ذلك عليهم . ومعنى الآية : جعل لي شبه ، وشبه بي الأوثان ، أي : جعل المشركون الأصنام شركائي فعبدوها ومعنى ( فاستمعوا له    ) أي : فاستمعوا حالها وصفتها . ثم بين ذلك فقال : 
( إن الذين تدعون من دون الله    ) يعني : الأصنام ، قرأ يعقوب  بالياء والباقون بالتاء ( لن يخلقوا ذبابا    ) واحدا في صغره وقلته لأنها لا تقدر عليه . والذباب : واحد وجمعه القليل : أذبة ، والكثير : ذبان ، مثل غراب وأغربة ، وغربان ، ( ولو اجتمعوا له    ) أي : لخلقه ، ( وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه    ) قال ابن عباس    : كانوا يطلون الأصنام بالزعفران ، فإذا جف جاء الذباب فاستلب منه . 
وقال  السدي    : كانوا يضعون الطعام بين يدي الأصنام فتقع الذباب عليه فيأكلن منه . 
وقال ابن زيد    : كانوا يحلون الأصنام باليواقيت واللآلئ وأنواع الجواهر ، ويطيبونها بألوان الطيب فربما تسقط منها واحدة فيأخذها طائر أو ذباب فلا تقدر الآلهة على استردادها ، فذلك قوله : ( وإن يسلبهم الذباب شيئا    ) أي : وإن يسلب الذباب الأصنام شيئا مما عليها لا يقدرون أن يستنقذوه منه ، ( ضعف الطالب والمطلوب    ) قال ابن عباس    : " الطالب " : الذباب يطلب ما يسلب من الطيب من الصنم ، و " المطلوب " : الصنم يطلب الذباب منه السلب . وقيل : على العكس : " الطالب " : الصنم و " المطلوب " : الذباب . وقال الضحاك    : " الطالب " : العابد و " المطلوب " : المعبود . ( ما قدروا الله حق قدره    ) ما عظموه حق عظمته وما عرفوه حق معرفته ، ولا وصفوه حق صفته إن أشركوا به ما لا يمتنع من الذباب ولا ينتصف منه ، ( إن الله لقوي عزيز    ( الله يصطفي    ) يعني يختار ( من الملائكة رسلا    ) وهم جبريل  وميكائيل  وإسرافيل  وعزرائيل  وغيرهم ، ( ومن الناس    ) أي : يختار من الناس رسلا مثل إبراهيم  وموسى  وعيسى  ومحمد  صلى الله عليه وسلم   [ ص: 401 ] وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام ، نزلت حين قال المشركون : " أأنزل عليه الذكر من بيننا " فأخبر أن الاختيار إليه ، يختار من يشاء من خلقه . 
( إن الله سميع بصير    ) أي : سميع لقولهم ، بصير بمن يختاره لرسالته . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					