[ ص: 89 ]   ( لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا     ( 49 ) ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا    ( 50 ) ) 
قوله - عز وجل - : ) ( لنحيي به    ) أي : بالمطر ، ( بلدة ميتا    ) ولم يقل : " ميتة " لأنه رجع به إلى الموضع والمكان ، ( ونسقيه مما خلقنا أنعاما    ) أي : نسقي من ذلك الماء أنعاما ، ( وأناسي كثيرا    ) أي : بشرا كثيرا ، والأناسي : [ جمع أنسي ، وقيل ] جمع إنسان ، وأصله : " أناسين " مثل : بستان وبساتين ، فجعل الياء عوضا عن النون . ( ولقد صرفناه بينهم    ) يعني : المطر ، مرة ببلدة ومرة ببلد آخر . قال ابن عباس    : ما من عام بأمطر من عام ولكن الله يصرفه في الأرض ، وقرأ هذه الآية . وهذا كما روي مرفوعا :   " ما من ساعة من ليل ولا نهار إلا السماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء "   . 
وذكر ابن إسحاق   وابن جريج  ومقاتل  وبلغوا به ابن مسعود  يرفعه قال :   " ليس من سنة بأمطر من أخرى ، ولكن الله قسم هذه الأرزاق ، فجعلها في السماء الدنيا ، في هذا القطر ينزل منه كل سنة بكيل معلوم ووزن معلوم ، وإذا عمل قوم بالمعاصي حول الله ذلك إلى غيرهم ، فإذا عصوا جميعا صرف الله ذلك إلى الفيافي والبحار "   . وقيل : المراد من تصريف المطر تصريفه وابلا وطلا ورذاذا ونحوها . وقيل : التصريف راجع إلى الريح . 
) ( ليذكروا ) أي : ليتذكروا ويتفكروا في قدرة الله تعالى ، ( فأبى أكثر الناس إلا كفورا    ) جحودا ، وكفرانهم هو أنهم إذا مطروا قالوا مطرنا بنوء كذا    . أخبرنا أبو الحسن السرخسي  ، أخبرنا زاهر بن أحمد  ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي  ، أخبرنا أبو مصعب  عن مالك بن أنس ،  عن صالح بن كيسان  ، عن  عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود  ، عن زيد بن خالد الجهني  أنه قال : صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح بالحديبية  في أثر سماء   [ ص: 90 ] كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال " أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي ، وكافر بالكواكب ، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب " 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					