[ ص: 349 ]   ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا     ( 33 ) ) 
( وقرن في بيوتكن    ) قرأ أهل المدينة وعاصم    : " وقرن " بفتح القاف ، وقرأ الآخرون بكسرها ، فمن فتح القاف فمعناه ، اقررن أي : الزمن بيوتكن من قولهم : قررت بالمكان أقر قرارا ، يقال : قررت أقر وقررت أقر ، وهما لغتان ، فحذفت الراء الأولى التي هي عين الفعل لثقل التضعيف ونقلت حركتها إلى القاف كقولهم : في ظللت ظلت ، قال الله تعالى : " فظلتم تفكهون    " ( الواقعة - 65 ) ، " و ظلت عليه عاكفا    " ( طه - 97 ) . 
ومن كسر القاف فقد قيل : هو من قررت أقر ، معناه اقررن - بكسر الراء - فحذفت الأولى ونقلت حركتها إلى القاف كما ذكرنا وقيل : - وهو الأصح - أنه أمر من الوقار ، كقولهم من الوعد : عدن ، ومن الوصل : صلن ، أي : كن أهل وقار وسكون ، من قولهم وقر فلان يقر وقورا إذا سكن واطمأن . 
( ولا تبرجن    ) قال مجاهد  وقتادة    : التبرج هو التكسر والتغنج ، وقال ابن أبي نجيح    : هو التبختر . وقيل : هو إظهار الزينة وإبراز المحاسن للرجال ( تبرج الجاهلية الأولى    ) اختلفوا في الجاهلية الأولى    . 
قال الشعبي    : هي ما بين عيسى  ومحمد    - صلى الله عليه وسلم - . 
وقال أبو العالية    : هي في زمن داود  وسليمان  عليهما السلام ، كانت المرأة تلبس قميصا من الدر غير مخيط من الجانبين فيرى خلقها فيه . 
وقال الكلبي    : كان ذلك في زمن نمرود  الجبار ، كانت المرأة تتخذ الدرع من اللؤلؤ فتلبسه وتمشي وسط الطريق ليس عليها شيء غيره وتعرض نفسها على الرجال . 
وروي عن عكرمة  عن ابن عباس  أنه قال : الجاهلية الأولى فيما بين نوح  وإدريس  ، وكانت ألف سنة ، وأن بطنين من ولد آدم  كان أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل ، وكان رجال الجبل صباحا وفي النساء دمامة ، وكان نساء السهل صباحا وفي الرجال دمامة ، وأن إبليس أتى رجلا   [ ص: 350 ] من أهل السهل وأجر نفسه منه ، فكان يخدمه واتخذ شيئا مثل الذي يزمر به الرعاء فجاء بصوت لم يسمع الناس مثله ، فبلغ ذلك من حولهم فانتابوهم يستمعون إليه ، واتخذوا عيدا يجتمعون إليه في السنة ، فتتبرج النساء للرجال ويتزين الرجال لهن ، وإن رجلا من أهل الجبل هجم عليهم في عيدهم ذلك فرأى النساء وصباحتهن فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك [ فتحولوا إليهم ] فنزلوا معهم فظهرت الفاحشة فيهم ، فذلك قوله تعالى : " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى    " . 
وقال قتادة :  هي ما قبل الإسلام . 
وقيل : الجاهلية الأولى : ما ذكرنا ، والجاهلية الأخرى : قوم يفعلون مثل فعلهم في آخر الزمان . 
وقيل : قد تذكر الأولى وإن لم يكن لها أخرى ، كقوله تعالى : " وأنه أهلك عادا الأولى    " ( النجم - 50 ) ، ولم يكن لها أخرى . 
قوله - عز وجل - : ( وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت     ) أراد بالرجس : الإثم الذي نهى الله النساء عنه ، قاله مقاتل    . وقال ابن عباس    : يعني : عمل الشيطان وما ليس لله فيه رضى ، وقال قتادة    : يعني : السوء . وقال مجاهد    : الرجس الشك . 
وأراد بأهل البيت : نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنهن في بيته ، وهو رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وتلا قوله : " واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله    " ، وهو قول عكرمة  ومقاتل    . 
وذهب أبو سعيد الخدري  ، وجماعة من التابعين ، منهم مجاهد  ، وقتادة  ، وغيرهما : إلى أنهم علي  وفاطمة والحسن  والحسين    . 
حدثنا أبو الفضل زياد بن محمد الحنفي  ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الأنصاري  ، أخبرنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعدي  ، أخبرنا أبو همام الوليد بن شجاع  ، أخبرنا يحيى بن زكريا بن زائدة  ، أخبرنا أبي عن مصعب بن شيبة  ، عن صفية بنت شيبة الحجبية  ، عن عائشة  أم المؤمنين قالت : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود ، فجلس فأتت فاطمة  فأدخلها فيه ثم جاء علي  فأدخله فيه ثم جاء حسن  فأدخله فيه ، ثم جاء حسين  فأدخله فيه ، ثم قال : " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا    " .   [ ص: 351 ] 
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد الحميدي  ، أخبرنا عبد الله الحافظ  ، أخبرنا  أبو العباس محمد بن يعقوب  حدثنا الحسن بن مكرم  ، أخبرنا عثمان بن عمر  ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار  ، عن شريك بن أبي نمر  ، عن  عطاء بن يسار ،  عن أم سلمة  قالت : في بيتي أنزلت : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت    ) قالت : فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فاطمة  وعلي  والحسن  والحسين  ، فقال " هؤلاء أهل بيتي " ، قالت : فقلت يا رسول الله أما أنا من أهل البيت ؟ قال : " بلى إن شاء الله " . 
قال  زيد بن أرقم    : أهل بيته من حرم الصدقة عليه بعده ، آل علي  وآل عقيل  وآل جعفر  وآل عباس    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					