[ ص: 260 ]   ( ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون    ( 20 ) ) 
( ويوم يعرض الذين كفروا على النار     ) فيقال لهم : ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا    ) قرأ ابن كثير  ، وابن عامر  ، وأبو جعفر  ، ويعقوب    : " أأذهبتم " ، بالاستفهام ويهمز ابن عامر  همزتين ، والآخرون بلا استفهام على الخبر ، وكلاهما فصيحان ، لأن العرب تستفهم بالتوبيخ ، وترك الاستفهام فتقول : أذهبت ففعلت كذا ؟ ( واستمتعتم بها    ) يقول : أذهبتم طيباتكم يعني اللذات وتمتعتم بها ؟ ( فاليوم تجزون عذاب الهون    ) أي العذاب الذي فيه ذل وخزي ( بما كنتم تستكبرون    ) [ تتكبرون ] ( في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون    ) فلما وبخ الله الكافرين بالتمتع بالطيبات في الدنيا آثر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والصالحون اجتناب اللذات في الدنيا رجاء ثواب الآخرة . 
وروينا عن عمر  قال : دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو مضطجع على رمال حصير قد أثر الرمال بجنبه ، فقلت : يا رسول الله ادع الله فليوسع على أمتك فإن فارس  والروم  قد وسع عليهم وهم لا يعبدون الله ، فقال : " أولئك قوم عجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا "   . 
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني  ، أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي  ، أخبرنا أبو سعيد الهيثم بن كليب  ، حدثنا أبو عيسى الترمذي  ، ثنا  محمد بن المثنى   ومحمد بن بشار  قالا : حدثنا محمد بن جعفر  ، حدثنا شعبة  عن أبي إسحاق  قال : سمعت عبد الرحمن بن يزيد  يحدث ، عن الأسود بن يزيد  عن عائشة  رضي الله عنها أنها قالت : ما شبع آل محمد    - صلى الله عليه وسلم - من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -   . 
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي  ، أخبرنا  أبو الحسين بن بشران  ، أخبرنا  إسماعيل بن محمد الصفار  ، حدثنا أحمد بن المنصور الرمادي  ، حدثنا عبد الرزاق  ، حدثنا معمر  ، عن  هشام بن عروة  ، عن أبيه ، عن عائشة  رضي الله عنها قالت : لقد كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارا وما هو   [ ص: 261 ] إلا الماء والتمر ، غير أن جزى الله نساء من الأنصار خيرا ، كن ربما أهدين لنا شيئا من اللبن   . 
أخبرنا عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني  ، أخبرنا أبو القاسم الخزاعي  ، أخبرنا الهيثم بن كليب  ، حدثنا أبو عيسى الترمذي  ، حدثنا  عبد الله بن معاوية الجمحي  ، حدثنا ثابت بن يزيد  ، عن هلال بن خباب  عن عكرمة  ، عن ابن عباس    - رضي الله عنه - ما قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبيت الليالي المتتابعة طاويا ، وأهله لا يجدون عشاء ، وكان أكثر خبزهم خبز الشعير   . 
أخبرنا عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني  ، أخبرنا أبو القاسم الخزاعي  ، أخبرنا الهيثم بن كليب  ، حدثنا أبو عيسى  ، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن  ، حدثنا روح بن أسلم  ، حدثنا أبو حاتم البصري  ، حدثنا حماد بن سلمة  ، أخبرنا ثابت  ، عن أنس  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لقد أخفت في الله وما يخاف أحد ، ولقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد ، ولقد أتت علي ثلاثون من بين ليلة ويوم وما لي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال "   . 
أخبرنا عبد الواحد المليحي  ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي  ، أخبرنا محمد بن يوسف  ، [ حدثنا  محمد بن إسماعيل    ] حدثنا يوسف بن عيسى  ، حدثنا ابن فضيل  ، عن أبيه ، عن أبي حازم  ، عن  أبي هريرة  أنه قال : لقد رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما منهم رجل عليه رداء ، إما إزار وإما كساء ، قد ربطوا في أعناقهم ، فمنها ما يبلغ نصف الساقين ، ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته   . 
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الكشميهني  ، حدثنا أبو طاهر محمد بن الحارث  ، حدثنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي  ، أخبرنا عبد الله بن محمود  ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال  ، حدثنا عبد الله بن مبارك  ، عن شعبة بن الحجاج  ، عن سعد بن إبراهيم  ، [ عن أبيه إبراهيم    ] أن عبد الرحمن بن عوف  أتي بطعام وكان صائما ، فقال : قتل  مصعب بن عمير  وهو خير مني فكفن   [ ص: 262 ] في بردة إن غطي بها رأسه بدت رجلاه ، وإن غطي بها رجلاه بدا رأسه ، قال : وأراه قال : وقتل حمزة  وهو خير مني ، فلم يوجد ما يكفن فيه إلا بردة ، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط ، أو قال أعطينا من الدنيا ما أعطينا وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا ، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام   . 
وقال  جابر بن عبد الله    : رأى  عمر بن الخطاب  لحما معلقا في يدي ، فقال : ما هذا يا جابر ؟  قلت : اشتهيت لحما فاشتريته ، فقال عمر    : أو كلما اشتهيت شيئا يا جابر  اشتريت ، أما تخاف هذه الآية : " أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا "   . 
				
						
						
