[ ص: 293 ]  [ ص: 294 ]  [ ص: 295 ] سورة الفتح 
مدنية 
( إنا فتحنا لك فتحا مبينا     ( 1 ) ) 
بسم الله الرحمن الرحيم ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا    ) 
أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي  ، أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد السرخسي  ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي  ، أخبرنا أبو مصعب  ، عن مالك  ، عن  زيد بن أسلم  ، عن أبيه أن  عمر بن الخطاب    - رضي الله عنه - كان يسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره فسأله عمر  عن شيء فلم يجبه ، ثم سأله فلم يجبه ، ثم سأله فلم يجبه ، فقال عمر    : ثكلتك أمك يا عمر  نزرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات ، كل ذلك لا يجيبك ، قال عمر    : فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس ، وخشيت أن ينزل في قرآن ، فما لبثت أن سمعت صارخا يصرخ بي ، فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه ، فقال : " لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ، ثم قرأ : " إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر    " . 
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي  ، أخبرنا أبو عمر بكر بن محمد المزني  ، حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله حفيد العباس بن حمزة  ، حدثنا  الحسين بن الفضل البجلي  ، حدثنا عفان  ، حدثنا همام  ، حدثنا قتادة  ، حدثنا أنس  قال : نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنا فتحنا لك فتحا مبينا    " إلى آخر الآية ، مرجعه من الحديبية  وأصحابه مخالطهم الحزن والكآبة ، فقال : " نزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا جميعا " ، فلما تلاها نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال رجل من القوم : هنيئا مريئا لك قد بين الله لك ما يفعل بك ، فماذا يفعل بنا ؟ فأنزل الله الآية التي بعدها : " ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار    " ، حتى ختم الآية .   [ ص: 296 ] اختلفوا في هذا الفتح : روي عن  أبي جعفر الرازي  عن قتادة  عن أنس    : أنه فتح مكة  ، وقال مجاهد    : فتح خيبر    . 
والأكثرون على أنه صلح الحديبية     . 
ومعنى الفتح فتح المنغلق ، والصلح مع المشركين بالحديبية  كان متعذرا حتى فتحه الله - عز وجل - . ورواه شعبة  عن قتادة  عن أنس    : " إنا فتحنا لك فتحا مبينا    " ، قال : الحديبية    . 
أخبرنا عبد الواحد المليحي  ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي  ، أخبرنا محمد بن يوسف  ، حدثنا  محمد بن إسماعيل  ، حدثنا  عبيد الله بن موسى  ، عن إسرائيل  ، عن أبي إسحاق  ، عن البراء  قال : تعدون أنتم الفتح فتح مكة ،  وقد كان فتح مكة  فتحا ، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان  ، يوم الحديبية  كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع عشرة مائة ، والحديبية  بئر ، فنزحناها فلم نترك فيها قطرة ، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاها فجلس على شفيرها ، ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها فتركناها غير بعيد ، ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا   . 
وقال الشعبي  في قوله : " إنا فتحنا لك فتحا مبينا    " ، قال : فتح الحديبية  ، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وأطعموا نخل خيبر  ، وبلغ الهدي محله ، وظهرت الروم  على فارس  ، ففرح المؤمنون بظهور أهل الكتاب  على المجوس    . 
قال الزهري    : لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية  ، وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم فتمكن الإسلام في قلوبهم ، أسلم في ثلاث سنين خلق كثير ، وكثر بهم سواد الإسلام . 
قوله - عز وجل - : " إنا فتحنا لك فتحا مبينا    " ، أي قضينا لك قضاء بينا . وقال الضحاك    : إنا   [ ص: 297 ] فتحنا لك فتحا مبينا بغير قتال ، وكان الصلح من الفتح . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					