[ ص: 388 ]   ( كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون    ( 19 ) متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين    ( 20 ) والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين    ( 21 ) ) 
( كلوا واشربوا هنيئا    ) مأمون العاقبة من التخمة والسقم ( بما كنتم تعملون    ) . 
( متكئين على سرر مصفوفة    ) موضوعة بعضها إلى جنب بعض ( وزوجناهم بحور عين    ) . 
( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان    ) قرأ أبو عمرو    : " وأتبعناهم " ، بقطع الألف على التعظيم ، " ذرياتهم " ، بالألف وكسر التاء فيهما لقوله : " ألحقنا بهم " " وما ألتناهم " ، ليكون الكلام على نسق واحد . 
وقرأ الآخرون : " واتبعتهم " بوصل الألف وتشديد التاء بعدها وسكون التاء الأخيرة . 
ثم اختلفوا في " ذريتهم " : قرأ أهل المدينة  الأولى بغير ألف وضم التاء ، والثانية بالألف وكسر التاء ، وقرأ أهل الشام  ويعقوب  كلاهما بالألف وكسر التاء في الثانية ، وقرأ الآخرون بغير ألف فيهما ورفع التاء في الأولى ونصبها في الثانية . 
واختلفوا في معنى الآية ، فقال قوم : معناها والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ، يعني : أولادهم الصغار والكبار ، فالكبار بإيمانهم بأنفسهم ، والصغار بإيمان آبائهم ، فإن الولد الصغير يحكم بإسلامه تبعا لأحد الأبوين    ( ألحقنا بهم ذريتهم    ) المؤمنين [ في الجنة بدرجاتهم وإن لم يبلغوا بأعمالهم درجات آبائهم ] تكرمة لآبائهم لتقر بذلك أعينهم . وهي رواية سعيد بن جبير  عن ابن عباس  رضي الله تعالى عنهم . 
وقال آخرون : معناه والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم البالغون بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم الصغار الذين لم يبلغوا الإيمان بإيمان آبائهم . وهو قول الضحاك  ، ورواية العوفي  عن ابن عباس  رضي الله تعالى عنهما ، أخبر الله - عز وجل - أنه يجمع لعبده المؤمن ذريته في الجنة كما كان يحب في الدنيا أن يجتمعوا إليه ، يدخلهم الجنة بفضله ويلحقهم بدرجته بعمل أبيه ، من غير أن ينقص الآباء من أعمالهم شيئا ، فذلك قوله : ( وما ألتناهم    ) قرأ ابن كثير  بكسر اللام ، والباقون بفتحها أي ما نقصناهم يعني الآباء ( من عملهم من شيء    ) .   [ ص: 389 ] 
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي  ، أخبرنا  أبو إسحاق الثعلبي  ، أخبرني الحسين بن محمد بن عبد الله الحديثي  ، حدثنا سعيد بن محمد بن إسحاق الصيرفي  ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ،  حدثنا جبارة بن المغلس ،  حدثنا قيس بن الربيع ،  حدثنا عمرو بن مرة  ، عن سعيد بن جبير  ، عن ابن عباس  رضي الله تعالى عنهما ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل ، لتقر بهم عينه " ، ثم قرأ : " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم   " ، إلى آخر الآية . 
أخبرنا أبو سعيد الشريحي  ، أخبرنا  أبو إسحاق الثعلبي  ، أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه الدينوري  ، حدثنا  أبو بكر بن مالك القطيعي ،  حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل  ، حدثني  عثمان بن أبي شيبة  ، حدثنا  محمد بن فضيل  عن محمد بن عثمان  عن زاذان  عن علي    - رضي الله عنه - قال : سألت خديجة  رضي الله تعالى عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ولدين ماتا لها في الجاهلية ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هما في النار " ، فلما رأى الكراهة في وجهها ، قال : " لو رأيت مكانهما لأبغضتهما " ، قالت : يا رسول الله فولدي منك ؟ قال : " في الجنة " ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن المؤمنين وأولادهم في الجنة ، وإن المشركين وأولادهم في النار " ، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم "   . 
( كل امرئ بما كسب رهين    ) قال مقاتل    : كل امرئ كافر بما عمل من الشرك مرتهن في النار ، والمؤمن لا يكون مرتهنا ، لقوله - عز وجل - : " كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين " ، ثم ذكر ما يزيدهم من الخير والنعمة فقال : 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					