( وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون    ( 61 ) ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين    ( 62 ) قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين    ( 63 ) ) 
قوله عز وجل : ( وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة     ) يعني : الملائكة الذين يحفظون أعمال بني آدم ، وهو جمع حافظ ، نظيره " وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين " ( الانفطار ، 11 ) ، ( حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته    ) قرأ حمزة    ( توفيه ) و ( استهويه ) بالياء وأمالهما ، ( رسلنا ) يعني :   [ ص: 152 ] أعوان ملك الموت يقبضونه فيدفعونه إلى ملك الموت فيقبض روحه ، كما قال : ( قل يتوفاكم ملك الموت    ) ، وقيل الأعوان يتوفونه بأمر ملك الموت  ، فكأن ملك الموت توفاه لأنهم يصدرون عن أمره ، وقيل : أراد بالرسل ملك الموت وحده ، فذكر الواحد بلفظ الجمع ، وجاء في الأخبار : أن الله تعالى جعل الدنيا بين يدي ملك الموت كالمائدة الصغيرة فيقبض من هاهنا ومن هاهنا فإذا كثرت الأرواح يدعو الأرواح فتجيب له ، ( وهم لا يفرطون    ) لا يقصرون . 
( ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق    ) يعني : الملائكة ، وقيل : يعني العباد يردون بالموت إلى الله مولاهم الحق  ، فإن قيل الآية في المؤمنين والكفار جميعا وقد قال في آية أخرى : " وأن الكافرين لا مولى لهم    " ( محمد ، 11 ) ، فكيف وجه الجمع؟ فقيل : المولى في تلك الآية بمعنى الناصر ولا ناصر للكفار ، والمولى هاهنا بمعنى الملك الذي يتولى أمورهم ، والله عز وجل مالك الكل ومتولي الأمور ، وقيل : أراد هنا المؤمنين خاصة يردون إلى مولاهم ، والكفار فيه تبع ، ( ألا له الحكم    ) أي : القضاء دون خلقه ، ( وهو أسرع الحاسبين    ) أي : إذا حاسب فحسابه سريع لأنه لا يحتاج إلى فكرة وروية وعقد يد . 
قوله عز وجل : ( قل من ينجيكم    ) قرأ يعقوب  بالتخفيف ، وقرأ العامة بالتشديد ، ( من ظلمات البر والبحر    ) أي : من شدائدهما وأهوالهما ، كانوا إذا سافروا في البر والبحر فضلوا الطريق وخافوا الهلاك ، دعوا الله مخلصين له الدين فينجيهم ، فذلك قوله تعالى : ( تدعونه تضرعا وخفية    ) أي : علانية وسرا ، قرأ أبو بكر  عن عاصم    " وخفية " بكسر الخاء هاهنا وفي الأعراف ، وقرأ الآخرون بضمها وهما لغتان ، ( لئن أنجانا    ) أي : يقولون لئن أنجيتنا ، وقرأ أهل الكوفة : لئن أنجانا الله ، ( من هذه ) يعني : من هذه الظلمات ، ( لنكونن من الشاكرين    ) والشكر    : هو معرفة النعمة مع القيام بحقها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					