( إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون    ( 55 ) الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون    ( 56 ) فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون    ( 57 ) وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين    ( 58 ) ) 
( إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون     ) قال الكلبي  ومقاتل    : يعني يهود بني قريظة ،  منهم كعب بن الأشرف  وأصحابه . 
( الذين عاهدت منهم    ) يعني عاهدتهم وقيل : أي : عاهدت معهم . وقيل أدخل " من " لأن معناه : أخذت منهم العهد ، ( ثم ينقضون عهدهم في كل مرة    ) وهم بنو قريظة  ، نقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله    - صلى الله عليه وسلم - ، وأعانوا المشركين بالسلاح على قتال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، ثم قالوا : نسينا وأخطأنا فعاهدهم الثانية ، فنقضوا العهد ومالئوا الكفار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق  ، وركب كعب بن الأشرف  إلى مكة  ، فوافقهم على مخالفة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ( وهم لا يتقون    ) لا يخافون الله تعالى في نقض العهد . 
( فإما تثقفنهم    ) تجدنهم ، ( في الحرب    ) قال مقاتل    : إن أدركتهم في الحرب وأسرتهم ، ( فشرد بهم من خلفهم    ) قال ابن عباس    : فنكل بهم من ورائهم . وقال سعيد بن جبير    : أنذر بهم من خلفهم . وأصل التشريد : التفريق والتبديد ، معناه فرق بهم جمع كل ناقض ، أي : افعل بهؤلاء الذين نقضوا عهدك وجاءوا لحربك فعلا من القتل والتنكيل ، يفرق منك ويخافك من خلفهم من أهل مكة  واليمن  ، ( لعلهم يذكرون ) يتذكرون ويعتبرون فلا ينقضون العهد .   [ ص: 370 ] 
( وإما تخافن    ) أي : تعلمن يا محمد  ، ( من قوم ) معاهدين ، ( خيانة ) نقض عهد بما يظهر لكم منهم من آثار الغدر كما ظهر من قريظة  والنضير  ، ( فانبذ إليهم    ) فاطرح إليهم عهدهم ، ( على سواء    ) يقول : أعلمهم قبل حربك إياهم أنك قد فسخت العهد بينك وبينهم حتى تكون أنت وهم في العلم بنقض العهد سواء ، فلا يتوهموا أنك نقضت العهد بنصب الحرب معهم ، ( إن الله لا يحب الخائنين    ) 
أخبرنا محمد بن الحسن المروزي  ، أنا أبو سهل محمد بن عمر بن طرفة السجزي  ، أنا أبو سليمان الخطابي  أنا أبو بكر محمد بن بكر بن محمد بن عبد الرزاق بن داسة التمار  ، ثنا  أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني  ، ثنا حفص بن عمر النمري  ، ثنا شعبة  عن أبي الفيض  عن  سليم بن عامر  عن رجل من حمير  قال : كان بين معاوية  وبين الروم  عهد ، وكان يسير نحو بلادهم ، حتى إذا انقضى العهد غزاهم ، فجاء رجل على فرس وهو يقول : الله أكبر الله أكبر ، وفاء لا غدر ، فنظر فإذا هو  عمرو بن عبسة ،  فأرسل إليه معاوية  فسأله فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد عقدة ولا يحلها حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء " . فرجع معاوية  رضي الله عنه   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					