( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم    ( 100 ) . 
  ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار    )  الآية . قرأ يعقوب  بالرفع عطفا على قوله : " والسابقون " . 
واختلفوا في السابقين الأولين ، قال  سعيد بن المسيب  ، وقتادة  ،  وابن سيرين  وجماعة : هم الذين صلوا إلى القبلتين . 
وقال عطاء بن أبي رباح    : هم أهل بدر    . 
وقال الشعبي    : هم الذين شهدوا بيعة الرضوان ، وكانت بيعة الرضوان بالحديبية    . 
واختلفوا في أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد امرأته خديجة   ، مع اتفاقهم على أنها أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال بعضهم : أول من آمن وصلى  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه ، وهو قول جابر  ، وبه قال مجاهد   وابن إسحاق  ، أسلم وهو ابن عشر سنين . 
وقال بعضهم : أول من آمن بعد خديجة   أبو بكر الصديق  رضي الله عنه ، وهو قول ابن عباس   وإبراهيم النخعي   والشعبي    . 
وقال بعضهم : أول من أسلم   زيد بن حارثة  ، وهو قول الزهري   وعروة بن الزبير    . 
وكان إسحاق بن إبراهيم الحنظلي  يجمع بين هذه الأقوال فيقول : أول من أسلم من الرجال أبو بكر   [ ص: 88 ] رضي الله عنه ، ومن النساء خديجة  ، ومن الصبيان  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه ، ومن العبيد زيد بن حارثة    . 
قال ابن إسحاق    : فلما أسلم أبو بكر  رضي الله عنه أظهر إسلامه ودعا إلى الله وإلى رسوله ، وكان رجلا محببا سهلا وكان أنسب قريش  وأعلمها بما كان فيها ، وكان تاجرا ذا خلق ومعروف ، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر ؛ لعلمه وحسن مجالسته ، فجعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه ، فأسلم على يديه - فيما بلغني - :  عثمان بن عفان  ،  والزبير بن العوام  ،  وعبد الرحمن بن عوف  ،  وسعد بن أبي وقاص  ،  وطلحة بن عبيد الله  ، فجاء بهم إلى رسول صلى الله عليه وسلم حين استجابوا له فأسلموا وصلوا ، فكان هؤلاء الثمانية النفر الذين سبقوا إلى الإسلام . ثم تتابع الناس في الدخول في الإسلام ، أما السابقون من الأنصار :  فهم الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة  ، وكانوا ستة في العقبة  الأولى ، وسبعين في الثانية ، والذين آمنوا حين قدم عليهم  مصعب بن عمير  يعلمهم القرآن ، فأسلم معه خلق كثير وجماعة من النساء والصبيان . 
قوله عز وجل : ( والسابقون الأولون من المهاجرين    ) الذين هاجروا قومهم وعشيرتهم وفارقوا أوطانهم . ( والأنصار ) أي : ومن الأنصار  ، وهم الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه من أهل المدينة  وآووا أصحابه ، ( والذين اتبعوهم بإحسان    ) قيل : هم بقية المهاجرين  والأنصار  سوى السابقين الأولين . 
وقيل : هم الذين سلكوا سبيلهم في الإيمان والهجرة أو النصرة إلى يوم القيامة . 
وقال عطاء    : هم الذين يذكرون المهاجرين  والأنصار  بالترحم والدعاء . 
وقال أبو صخر حميد بن زياد    : أتيت  محمد بن كعب القرظي  فقلت له : ما قولك في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال : جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة محسنهم ومسيئهم ، فقلت من أين تقول هذا؟ فقال : يا هذا اقرأ قول الله تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار    ) إلى أن قال : ( رضي الله عنهم ورضوا عنه    ) وقال : ( والذين اتبعوهم بإحسان    ) شرط في التابعين شريطة وهي أن يتبعوهم في أفعالهم الحسنة دون السيئة   . 
قال أبو صخر    : فكأني لم أقرأ هذه الآية قط . 
روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :   " لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا   [ ص: 89 ] ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " . 
ثم جمعهم الله عز وجل في الثواب فقال : ( رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار    ) قرأ ابن كثير    : ( من تحتها الأنهار ) ، وكذلك هو في مصاحف أهل مكة  ، ( خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم    ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					