( وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون    ( 127 ) لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم    ( 128 ) فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم    ( 129 ) . 
( وإذا ما أنزلت سورة  فيها عيب المنافقين وتوبيخهم  ، ( نظر بعضهم إلى بعض ) يريدون الهرب يقول بعضهم لبعض إشارة ، ( هل يراكم من أحد    ) أي : أحد من المؤمنين ، إن قمتم ، فإن لم يرهم أحد خرجوا من المسجد ، وإن علموا أن أحدا يراهم أقاموا وثبتوا ، ( ثم انصرفوا    ) عن الإيمان بها . وقيل : انصرفوا عن مواضعهم التي يسمعون فيها ، ( صرف الله قلوبهم    ) عن الإيمان . قال  أبو إسحاق الزجاج    : أضلهم الله مجازاة على فعلهم ذلك ، ( بأنهم قوم لا يفقهون    ) عن الله دينه . قال ابن عباس  رضي الله عنهما : " لا تقولوا إذا صليتم انصرفنا من الصلاة فإن قوما انصرفوا فصرف الله قلوبهم ، ولكن قولوا قد قضينا الصلاة "   . 
قوله تعالى : ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم    ) تعرفون نسبه وحسبه ، قال  السدي    : من العرب ، من بني إسماعيل    . قال ابن عباس    : ليس من العرب قبيل إلا وقد ولدت النبي صلى الله عليه وسلم ، وله فيهم نسب   . 
وقال  جعفر بن محمد الصادق    : لم يصبه شيء من ولاد الجاهلية من زمان آدم  عليه السلام . 
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي  ، أخبرنا  أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي  ، أخبرنا عبد الله بن حامد  ، حدثنا حامد بن محمد  ، أخبرنا علي بن عبد العزيز  ، حدثنا محمد بن أبي نعيم  ، حدثنا هشيم ،  حدثني المدني - يعني : أبا معشر    - عن أبي الحويرث  ، عن ابن عباس  رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية شيء ، ما ولدني إلا نكاح كنكاح الإسلام   " . 
وقرأ ابن عباس   والزهري  وابن محيصن    " من أنفسكم " بفتح الفاء ، أي : من أشرفكم وأفضلكم . ( عزيز عليه    ) شديد عليه ، ( ما عنتم    ) قيل " ما " صلة أي : عنتكم ، وهو دخول المشقة والمضرة   [ ص: 116 ] عليكم . وقال القتيبي    : ما أعنتكم وضركم . وقال ابن عباس  رضي الله عنهما : ما ضللتم . 
وقال الضحاك  والكلبي :  ما أتممتم . 
( حريص عليكم    ) أي : على إيمانكم وصلاحكم . وقال قتادة    : حريص عليكم أي : على ضالكم أن يهديه الله ، ( بالمؤمنين رءوف رحيم    ) قيل : رءوف بالمطيعين رحيم بالمذنبين . 
( فإن تولوا    ) إن أعرضوا عن الإيمان وناصبوك الحرب ( فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم    ( 
روي عن أبي بن كعب  قال : آخر ما نزل من القرآن هاتان الآيتان ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم    ) إلى آخر السورة . وقال : هما أحدث الآيات بالله عهدا   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					