[ عروة بن مسعود  رسول من قريش إلى الرسول    ] 
 [ ص: 313 ] قال الزهري  في حديثه : ثم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عروة بن مسعود الثقفي  ، فقال : يا معشر قريش  ، إني قد رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه إلى محمد  إذ جاءكم من التعنيف وسوء اللفظ ، وقد عرفتم أنكم والد وإني ولد - وكان عروة  لسبيعة بنت عبد شمس    - وقد سمعت بالذي نابكم ، فجمعت من أطاعني من قومي ، ثم جئتكم حتى آسيتكم بنفسي ؛ قالوا : صدقت ، ما أنت عندنا بمتهم . فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجلس بين يديه ، ثم قال : يا محمد  ، أجمعت أوشاب الناس ، ثم جئت بهم إلى بيضتك لتفضها بهم ، إنها قريش  قد خرجت معها العوذ المطافيل . قد لبسوا جلود النمور ، يعاهدون الله لا تدخلها عليهم عنوة أبدا . وايم الله ، لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا . قال :  وأبو بكر الصديق  خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد ؛ فقال : امصص بظر اللاتي ، أنحن ننكشف عنه ؟ قال : من هذا يا محمد  ؟ قال : هذا ابن أبي قحافة  ، قال : أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها ، ولكن هذه بها قال : ثم جعل يتناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يكلمه . قال :  والمغيرة بن شعبة  واقف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديد . قال : فجعل يقرع يده إذا تناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقول : اكفف يدك عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن لا تصل إليك ؛ قال : فيقول عروة    : ويحك ما أفظك وأغلظك قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال له عروة    : من هذا يا محمد  ؟ قال : هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة  ؛ قال : أي غدر ، وهل غسلت سوأتك إلا بالأمس   . 
- قال ابن هشام    : أراد عروة  بقوله هذا أن المغيرة بن شعبة  قبل إسلامه قتل   [ ص: 314 ] ثلاثة عشر رجلا من بني مالك    . من ثقيف    . فتهايج الحيان من ثقيف    : بنو مالك  رهط المقتولين ، والأحلاف  رهط المغيرة  ، فودى عروة  المقتولين ثلاث عشرة دية ، وأصلح ذلك الأمر . 
قال ابن إسحاق    : قال الزهري    : فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو مما كلم به أصحابه ، وأخبره أنه لم يأت يريد حربا . 
فقام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه ، لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه ، ولا يبصق بصاقا إلا ابتدروه . ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه . فرجع إلى قريش  ، فقال : يا معشر قريش  ، إني قد جئت كسرى في ملكه ، وقيصر في ملكه . والنجاشي في ملكه . وإني والله ما رأيت ملكا في قوم قط مثل محمد  في أصحابه ، ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدا ، فروا رأيكم   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					