تجديد خطبة ثانية داخل سور دمشق   ولم يتفق ذلك فيما أعلم منذ فتوح الشام  إلى الآن . 
اتفق ذلك في يوم الجمعة الثالث ، ثم تبين أنه الرابع والعشرون من ذي القعدة من هذه السنة بالجامع الذي جدد بناءه نائب الشام  سيف الدين منكلي بغا   [ ص: 692 ] بدرب البلاغة  قبلي مسجد درب الحجر  داخل باب كيسان  المجدد فتحه في هذا الحين ، كما تقدم ، وهو معروف عند العامة بمسجد الشاذوري  ، وإنما هو في " تاريخ  ابن عساكر    " مسجد الشهرزوري ،  وقد كان المسجد رث الهيئة قد تقادم عهده مد دهر ، وهجر فلا يدخله أحد من الناس إلا قليل ، فوسعه من قبليه ، وسقفه جديدا ، وجعل له صرحة شمالية مبلطة ، ورواقات على هيئة الجوامع ، والداخل بأبوابه على العادة ، وداخل ذلك رواق كبير له جناحان شرقي وغربي بأعمدة وقناطر ، وقد كان قديما كنيسة ، فأخذت منهم قبل الخمسمائة ، وعملت مسجدا ، فلم يزل كذلك إلى هذا الحين ، فلما كمل كما ذكرنا ، وسيق إليه الماء من القنوات ، ووضع فيه منبر مستعمل كذلك - فيومئذ ركب نائب السلطنة ، ودخل البلد من باب كيسان ،  وانعطف على حارة اليهود   حتى انتهى إلى الجامع المذكور ، وقد استكف الناس عنده من قضاة ، وأعيان ، وخاصة ، وعامة ، وقد عين لخطابته الشيخ صدر الدين بن منصور الحنفي  مدرس التاجية ، وإمام الحنفية بالجامع الأموي ،  فلما أذن الأذان الأول تعذر عليه الخروج من بيت الخطابة ، قيل : لمرض عرض له . وقيل : لغير ذلك من حصر أو نحوه . فخطب الناس يومئذ قاضي القضاة جمال الدين الحنفي الكفري ،  خدمة لنائب السلطنة . 
واستهل شهر ذي الحجة وقد رفع الله الوباء عن دمشق  ، وله الحمد والمنة . 
وأهل البلد يموتون على العادة ، ولا يمرض أحد بتلك العلة ، ولكن المرض المعتاد . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					