ذكر أن يوم القيامة ، هو يوم النفخ في الصور لبعث الأجساد من قبورها ، وأن ذلك يكون في يوم الجمعة  
وقد ورد في ذلك أحاديث : 
قال الإمام مالك بن أنس  ، عن  يزيد بن عبد الله بن الهاد  ، عن محمد بن إبراهيم ،  عن أبي سلمة ،  عن  أبي هريرة ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه أهبط ، وفيه تيب عليه ، وفيه مات ، وفيه تقوم الساعة ، وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة   [ ص: 362 ] من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة ، إلا الجن والإنس ، وفيها ساعة لا يصادفها عبد مسلم ، وهو يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه   " . 
ورواه أبو داود    - واللفظ له -  والترمذي  من حديث مالك    . وأخرجه  النسائي ،  عن قتيبة ،  عن بكر بن مضر  ، عن ابن الهاد ،  به نحوه ، وهو أتم . 
وقد روى  الطبراني  في " معجمه الكبير " ، من طريق آدم بن علي ،  عن ابن عمر  مرفوعا : " ولا تقوم الساعة إلا في الأذان   " . قال  الطبراني    : يعني أذان الفجر يوم الجمعة . 
وقال الإمام محمد بن إدريس الشافعي  في " مسنده " : أخبرنا إبراهيم بن محمد  ، حدثني موسى بن عبيدة ،  حدثني أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة ،  عن عبيد الله بن عمير  ، أنه سمع أنس بن مالك  يقول : أتى جبريل  بمرآة بيضاء فيها وكتة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما هذه؟ " . قال : هذه الجمعة فضلت بها أنت وأمتك ، فالناس لكم فيها تبع اليهود ،  والنصارى ،  ولكم فيها خير ، وفيها ساعة لا يوافقها مؤمن يدعو الله بخير إلا استجيب له ، وهو عندنا يوم المزيد . قال النبي صلى الله عليه وسلم " يا جبريل ،  وما يوم المزيد؟ " قال : إن ربك   [ ص: 363 ] اتخذ في الفردوس واديا أفيح ، فيه كثب مسك ، فإذا كان يوم الجمعة ، أنزل الله ما شاء من الملائكة ، ونزل على كرسيه ، وحف حوله منابر من نور ، عليها مقاعد النبيين ، وحف تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد ، عليها الشهداء والصديقون ، فجلسوا من ورائهم ، على تلك الكثب ، فيقول الله : أنا ربكم ، قد صدقتم وعدي ، فسلوني أعطكم . فيقولون : ربنا ، نسألك رضوانك . فيقول : قد رضيت عنكم ، ولكم علي ما تمنيتم ، ولدي مزيد . فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من الخير ، وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم على العرش ، وفيه خلق آدم ،  وفيه تقوم الساعة   . 
ثم رواه  الشافعي ،  عن إبراهيم بن محمد ،  أيضا ، حدثني أبو عمران إبراهيم بن الجعد ،  عن أنس  ، شبيها به ، قال : وزاد فيه أشياء . قلت : وسيأتي ذكر هذا الحديث ، إن شاء الله تعالى ، في كتاب صفة الجنة بشواهده وأسانيده ، وبالله المستعان . 
وقال  الإمام أحمد ،  حدثنا  حسين بن علي الجعفي ،  عن  عبد الرحمن بن يزيد بن جابر  ، عن  أبي الأشعث الصنعاني  ، عن أوس بن أوس الثقفي ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أفضل أيامكم يوم الجمعة  ، فيه خلق آدم ، وفيه قبض ، وفيه النفخة ، وفيه الصعقة ، فأكثروا علي من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم   [ ص: 364 ] معروضة علي " . فقالوا : يا رسول الله ، وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ يعني وقد بليت . قال : " إن الله عز وجل ، حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء صلوات الله عليهم    " . ورواه أبو داود ،   والنسائي ،   وابن ماجه ،  من حديث الحسين بن علي الجعفي  مثله . وفي رواية  لابن ماجه  عن شداد بن أوس  ، بدل أوس بن أوس  ، قال شيخنا وذلك وهم . 
وقال  الإمام أحمد  أيضا : حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو ،  حدثنا زهير ، يعني ابن محمد ،  عن  عبد الله بن محمد بن عقيل  ، عن عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري ،  عن أبي لبابة بن عبد المنذر ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " سيد الأيام يوم الجمعة وأعظمها عنده ، وأعظم عند الله ، عز وجل ، من يوم الفطر ويوم الأضحى ، وفيه خمس خلال : خلق الله فيه آدم ،  وأهبط الله فيه أدم  إلى الأرض ، وفيه توفى الله آدم ،  وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها شيئا إلا آتاه الله تبارك وتعالى إياه ، ما لم يسأل حراما ، وفيه تقوم الساعة ، ما من ملك مقرب ، ولا سماء ، ولا أرض ، ولا رياح ، ولا جبال ، ولا بحر إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة   " . ورواه ابن ماجه ،  عن أبي بكر بن أبي شيبة ،  عن يحيى بن أبي بكير  ، عن زهير  ، به . 
وقد روى  الطبراني  عن ابن عمر  مرفوعا : " إن الساعة تقوم وقت الأذان   [ ص: 365 ] للفجر من يوم الجمعة    " . 
وقد حكى  أبو عبد الله القرطبي  في " التذكرة " أن قيام الساعة يوم جمعة للنصف من شهر رمضان . وهذا غريب يحتاج إلى دليل . 
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا :  حدثنا أحمد بن كثير  ، حدثنا قرط بن حريث أبو سهل  ، عن رجل من أصحاب الحسن ،  قال : قال الحسن    : يومان وليلتان لم يسمع الخلائق بمثلهن قط ، ليلة تبيت مع أهل القبور ، ولم تبت ليلة قبلها مثلها ، وليلة صبيحتها تسفر عن يوم القيامة ، ويوم يأتيك البشير من الله إما بالجنة وإما بالنار ، ويوم تعطى كتابك إما بيمينك وإما بشمالك   . وكذا روي عن عامر بن قيس  ،  وهرم بن حيان  وغيرهما؟ أنهم كانوا يستعظمون الليلة التي يسفر صبيحتها عن يوم القيامة . 
وقال ابن أبي الدنيا    : حدثنا أحمد بن إبراهيم بن كثير العبدي    " ، حدثني محمد بن سابق ،  حدثنا  مالك بن مغول ،  عن جنيد  قال : بينما الحسن  في يوم من رجب في المسجد ، وفي يده قليلة ، وهو يمص ماءها ، ثم يمجه في الحصى ، إذ تنفس تنفسا شديدا ، ثم بكى حتى أرعد منكباه ، ثم قال : لو أن بالقلوب حياة ، لو أن بالقلوب صلاحا ، لأبكيتكم من ليلة صبيحتها يوم   [ ص: 366 ] القيامة . أي : ليلة تمخض عن صبيحة يوم القيامة ، ما سمع الخلائق بيوم قط أكثر فيه عورة بادية ، ولا عينا باكية من يوم القيامة 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					