[ ص: 230 ] ذكر شفاعة المؤمنين لأهاليهم  
قد تقدم حديث عثمان بن عفان  في شفاعة الأنبياء ، ثم الشهداء ، ثم المؤمنين . رواه البزار   وابن ماجه    . 
وأما ما أورده القرطبي  في " التذكرة " ، من طريق  أبي عمرو بن السماك    : حدثنا يحيى بن جعفر بن الزبرقان ،  أخبرنا  علي بن عاصم  ، حدثنا خالد الحذاء ،  عن سلمة بن كهيل  ، عن أبيه ، عن أبي الزعراء ،  قال : قال ابن مسعود    : يشفع نبيكم صلى الله عليه وسلم رابع أربعة : جبريل ،  ثم إبراهيم ،  ثم موسى  أو عيسى ،  ثم نبيكم ، ثم الملائكة ، ثم الصديقون ، ثم الشهداء   . 
وقد رواه  أبو داود الطيالسي ،  عن يحيى بن سلمة بن كهيل  ، عن أبيه به ، وزاد أبو داود  في روايته : لا يشفع أحد بعده أكثر منه ، وهو المقام المحمود الذي قال الله تعالى : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا    . فإنه حديث غريب جدا ، ويحيى بن سلمه بن كهيل  ضعيف . 
 [ ص: 231 ] وفي " الصحيح " من طريق  عطاء بن يسار  ، عن أبي سعيد  مرفوعا : " إذا خلص المؤمنون من الصراط ورأوا أنهم قد نجوا فما أنتم بأشد مناشدة في الحق بعد ما تبين منهم لربهم عز وجل في إخوانهم الذين في النار ، يقولون : ربنا ، إخواننا كانوا يصلون معنا ، ويصومون معنا ، ويحجون معنا ، ويغزون معنا ، فيقال لهم : اذهبوا ، فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه من النار ، ثم يقول : نصف دينار . ثم يقول : مثقال ذرة . فأخرجوه من النار " . قال أبو سعيد    : اقرءوا إن شئتم إن الله لا يظلم مثقال ذرة    [ النساء : 40 ] . قال : " فيقول الله تعالى : شفعت الملائكة ، وشفع النبيون ، وشفع المؤمنون ، ولم يبق إلا أرحم الراحمين ، فيقبض قبضة من النار ، فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط ، قد عادوا حمما ، فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة ، يقال له : نهر الحياة . فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل " . 
" فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتيم ، يعرفهم أهل الجنة فيقولون : هؤلاء عتقاء الله ، أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ، ولا خير قدموه . ثم يقول : ادخلوا الجنة ، فما رأيتموه فهو لكم . فيقولون : ربنا ، أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين . فيقال : عندي أفضل من هذا . فيقولون : ربنا ، أي شيء   [ ص: 232 ] أفضل من هذا ؟ فيقول : رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبدا   " . 
وفي حديث إسماعيل بن رافع  ، عن محمد بن كعب  ، عن رجل ، عن  أبي هريرة ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم - بعد ذكر دخول أهل الجنة الجنة - : " فأقول : يا رب ، شفعني فيمن وقع في النار من أمتي . فيقول : نعم ، أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال دينار من إيمان ، من كان في قلبه ثلثا دينار ، نصف دينار ، ثلث دينار ، ربع دينار ، حتى بلغ قيراطين ، أخرجوا من لم يعمل خيرا قط " . قال : " ثم يؤذن في الشفاعة ، فلا يبقى أحد إلا شفع ، إلا اللعان فإنه لا يشفع ، حتى إن إبليس ليتطاول يومئذ في النار رجاء أن يشفع له ، مما يرى من رحمة الله تعالى ، حتى إذا لم يبق أحد إلا شفع " . قال : " فيقول الله عز وجل : بقيت أنا وأنا أرحم الراحمين ، فيخرج منها ما لا يحصي عدتهم غيره سبحانه ، كأنهم الخشب المحترقة ، فيطرحون على شط نهر على باب الجنة ، يقال له : الحيوان . فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل   " . رواه ابن أبي الدنيا    . 
وقد قال  الحافظ أبو يعلى الموصلي    : حدثنا  العباس بن الوليد النرسي ،  حدثنا يوسف بن خالد - هو السمتي    - عن الأعمش ،  عن أنس    : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يعرض أهل النار صفوفا ، فيمر بهم المؤمنون ، فيرى الرجل من   [ ص: 233 ] أهل النار الرجل من المؤمنين قد عرفه في الدنيا ، فيقول : يا فلان ، أما تذكر يوم استعنتني على حاجة كذا وكذا فأعنتك ؟ ويقول الآخر : يا فلان ، أما تذكر يوم أعطيتك - قال : أراه قال : - كذا وكذا ؟ فيذكر ذلك المؤمن ، فيعرفه ، فيشفع له إلى ربه ، فيشفعه فيه   " . في إسناده ضعف . 
طريق أخرى عن أنس    : قال ابن ماجه    : حدثنا  محمد بن عبد الله بن نمير  ، وعلي بن محمد ، قالا : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يصف الناس يوم القيامة صفوفا - وقال ابن نمير    : أهل الجنة وأهل النار - فيمر الرجل من أهل النار على الرجل من أهل الجنة ، فيقول : يا فلان : أما تذكر يوم ناولتك طهورا ؟ فيشفع له . ويمر الرجل على الرجل ، فيقول : أما تذكر يوم استسقيتني فسقيتك شربة ؟ قال : فيشفع له ويمر الرجل على الرجل فيقول : يا فلان ، أما تذكر يوم بعثتني لحاجة كذا وكذا فذهبت لك ؟ فيشفع له   " . 
ورواه  الطحاوي  بلفظ آخر قريب من هذا المعنى . 
وقال ابن أبي الدنيا    : حدثني علي بن عبد الله بن موسى  ، حدثنا حفص بن   [ ص: 234 ] عمر ،  أنبأ حماد بن سلمة ،  عن ثابت  ، عن الحسن ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الرجل من أهل الجنة يوم القيامة : يا رب ، إن فلانا سقاني شربة من ماء في الدنيا ، فشفعني فيه    . فيقول الله : اذهب فأخرجه من النار . فيذهب فيتحسس عليه في النار حتى يخرجه منها   " . 
وهذا مرسل من مراسيل الحسن الحسان . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					