[ ص: 525 ] فصل ميقات خروج النبي  
قال ابن إسحاق :  فحدثني  محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ،  عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ،  عن ابن عباس  قال : ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره ، واستخلف على المدينة  أبا رهم كلثوم بن حصين بن عتبة بن خلف الغفاري ،  وخرج لعشر مضين من شهر رمضان ، فصام وصام الناس معه ، حتى إذا كان بالكديد ،  بين عسفان  وأمج  أفطر ، ثم مضى حتى نزل مر الظهران  في عشرة آلاف من المسلمين - وقال عروة بن الزبير :  كان معه اثنا عشر ألفا . وكذا قال الزهري   وموسى بن عقبة    - فسبعت سليم ،  وبعضهم يقول : ألفت سليم    - وألفت مزينة ،  وفي كل القبائل عدد وإسلام ، وأوعب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرون  والأنصار  فلم يتخلف عنه منهم أحد . وروى  البخاري ،  عن محمود ،  عن عبد الرزاق ،  عن معمر ،  عن الزهري  نحوه . 
وقد روى  البيهقي  من حديث عاصم بن علي ،  عن الليث بن سعد ،  عن عقيل ، عن الزهري ،  أخبرني عبيد الله بن عبد الله ،  عن ابن عباس  ، أن   [ ص: 526 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة الفتح في رمضان . قال : وسمعت  سعيد بن المسيب  يقول مثل ذلك ، لا أدري أخرج في ليال من شعبان فاستقبل رمضان ، أو خرج في رمضان بعدما دخل ؟ غير أن عبيد الله بن عبد الله  أخبرني أن ابن عباس  قال : صام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ الكديد    - الماء الذي بين قديد  وعسفان    - أفطر ، فلم يزل يفطر حتى انصرم الشهر   . ورواه  البخاري ،  عن عبد الله بن يوسف ،  عن الليث  ، غير أنه لم يذكر الترديد بين شعبان ورمضان . 
وقال  البخاري    : ثنا علي بن عبد الله ،  ثنا جرير  ، عن منصور ،  عن مجاهد ،  عن طاوس ،  عن ابن عباس  قال : سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ، فصام حتى بلغ عسفان  ، ثم دعا بإناء فشرب نهارا ليراه الناس ، فأفطر حتى قدم مكة    . قال : وكان ابن عباس  يقول : صام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر ، وأفطر ، فمن شاء صام ، ومن شاء أفطر   . 
وقال يونس    : عن ابن إسحاق ،  عن الزهري ،  عن عبيد الله بن عبد الله ،  عن ابن عباس  قال : مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفرة الفتح ، واستعمل على المدينة  أبا رهم كلثوم بن الحصين الغفاري ،  وخرج لعشر مضين من رمضان ، فصام وصام الناس معه ، حتى أتى الكديد    - ماء بين عسفان  وأمج - فأفطر ، ودخل مكة  مفطرا ، فكان الناس يرون أن آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم الفطر ، وأنه   [ ص: 527 ] نسخ ما كان قبله . 
قال  البيهقي    : فقوله : خرج لعشر من رمضان . مدرج في الحديث ، وكذلك ذكره عبد الله بن إدريس ،  عن ابن إسحاق .  ثم روى من طريق يعقوب بن سفيان ،  عن حامد بن يحيى ،  عن صدقة ،  عن ابن إسحاق ،  أنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعشر مضين من رمضان سنة ثمان . 
ثم روى  البيهقي  من حديث  أبي إسحاق الفزاري ،  عن محمد بن أبي حفصة ،  عن الزهري ،  عن عبيد الله بن عبد الله ،  عن ابن عباس  قال : كان الفتح لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان   . قال  البيهقي    : وهذا الإدراج وهم . إنما هو من كلام الزهري    . 
ثم روى من طريق ابن وهب ،  عن يونس ،  عن الزهري  قال : غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الفتح - فتح مكة    - فخرج من المدينة  في رمضان ومعه من المسلمين عشرة آلاف ، وذلك على رأس ثماني سنين ونصف سنة من مقدمه المدينة ،  وافتتح مكة  لثلاث عشرة بقين من رمضان   . 
وروى  البيهقي  من طريق عبد الرزاق ،  عن معمر ،  عن الزهري ،  عن   [ ص: 528 ] عبيد الله بن عبد الله ،  عن ابن عباس  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان ومعه عشرة آلاف من المسلمين ، فصام حتى بلغ الكديد  ثم أفطر ، فقال الزهري    : وإنما يؤخذ بالأحدث فالأحدث قال الزهري    : فصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة  لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان . ثم عزاه إلى " الصحيحين " من طريق عبد الرزاق  والله أعلم . 
وروى  البيهقي  من طريق سعيد بن عبد العزيز التنوخي ،  عن عطية بن قيس ،  عن قزعة بن يحيى ،  عن  أبي سعيد الخدري  قال : آذننا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحيل عام الفتح لليلتين خلتا من رمضان ، فخرجنا صواما حتى بلغنا الكديد  ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفطر ، فأصبح الناس شرجين ، منهم الصائم ومنهم المفطر ، حتى إذا بلغنا المنزل الذي نلقى العدو فيه ، أمرنا بالفطر فأفطرنا أجمعون   . 
وقد رواه الإمام أحمد ،  عن أبي المغيرة ،  عن سعيد بن عبد العزيز ،  حدثني عطية بن قيس ،  عمن حدثه ، عن  أبي سعيد الخدري  قال : آذننا   [ ص: 529 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحيل عام الفتح لليلتين خلتا من رمضان ، فخرجنا صواما حتى بلغنا الكديد ،  فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفطر ، فأصبح الناس منهم الصائم ومنهم المفطر ، حتى إذا بلغ أدنى منزل تلقاء العدو ، أمرنا بالفطر ، فأفطرنا أجمعون   . 
قلت : فعلى ما ذكره الزهري  من أن الفتح كان يوم الثالث عشر من رمضان ، وما ذكره أبو سعيد  من أنهم خرجوا من المدينة  في ثاني شهر رمضان ، يقتضي أن مسيرهم كان بين مكة  والمدينة  في إحدى عشرة ليلة . 
ولكن روى  البيهقي ،  عن أبي الحسين بن الفضل ،  عن عبد الله بن جعفر ،  عن يعقوب بن سفيان ،  عن الحسن بن الربيع ،  عن ابن إدريس ،  عن محمد بن إسحاق ،  عن الزهري ،  ومحمد بن علي بن الحسين ،   وعاصم بن عمر بن قتادة ،   وعمرو بن شعيب ،  وعبد الله بن أبي بكر  وغيرهم قالوا : كان فتح مكة  في عشر بقيت من شهر رمضان سنة ثمان . 
قال  أبو داود الطيالسي    : ثنا وهيب ،  عن  جعفر بن محمد ،  عن أبيه ، عن  جابر بن عبد الله  قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح صائما حتى أتى كراع الغميم  ، والناس معه مشاة وركبانا ، وذلك في شهر رمضان ، فقيل : يا رسول الله ، إن الناس قد اشتد عليهم الصوم ، وإنما ينظرون إليك   [ ص: 530 ] كيف فعلت . فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء فرفعه ، فشرب والناس ينظرون ، فصام بعض الناس وأفطر البعض ، حتى أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بعضهم صائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أولئك العصاة   . وقد رواه مسلم  من حديث الثقفي   والدراوردي ،  عن  جعفر بن محمد    . 
وروى الإمام أحمد  من حديث محمد بن إسحاق ،  حدثني بشير بن يسار ،  عن ابن عباس  قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في رمضان ، فصام وصام المسلمون معه ، حتى إذا كان بالكديد دعا بماء في قعب وهو على راحلته ، فشرب والناس ينظرون ، يعلمهم أنه قد أفطر ، فأفطر المسلمون . تفرد به أحمد    . 
				
						
						
