[ ص: 649 ] قصة قصعة بيت الصديق   
ولعلها هي القصعة المذكورة في حديث سمرة ،  والله أعلم . 
قال  البخاري    : ثنا موسى بن إسماعيل ،  ثنا معتمر ،  عن أبيه ، ثنا أبو عثمان ،  أنه حدثه عبد الرحمن بن أبي بكر  رضي الله عنهما ، أن أصحاب الصفة  كانوا أناسا فقراء ، وأن النبي صلى الله عليه ، وسلم قال مرة : من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث ، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس أو سادس أو كما قال . وأن أبا بكر  جاء بثلاثة ، وانطلق النبي صلى الله عليه وسلم بعشرة ، وأبو بكر  بثلاثة . قال : فهو أنا وأبي وأمي . ولا أدري هل قال : امرأتي وخادم بين بيتنا وبيت أبي بكر    . وأن أبا بكر  تعشى عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم لبث حتى صلى العشاء ، ثم رجع فلبث حتى تعشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء بعد ما مضى من الليل ما شاء الله ، قالت له امرأته : ما حبسك عن أضيافك ، أو ضيفك ؟ قال : أو ما عشيتيهم ؟ قالت : أبوا حتى تجيء قد عرضوا عليهم فغلبوهم . فذهبت فاختبأت فقال : يا غنثر . فجدع وسب . وقال : كلوا - في رواية أخرى : لا هنيئا - وقال : لا أطعمه أبدا . والله ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها ،   [ ص: 650 ] حتى شبعوا ، وصارت أكثر مما كانت قبل . فنظر أبو بكر ،  فإذا هي أكثر ، فقال لامرأته : يا أخت بني فراس ؟    ! قالت : لا وقرة عيني ، لهي الآن أكثر مما قبل بثلاث مرار . فأكل منها أبو بكر ،  وقال إنما كان الشيطان . يعني يمينه . ثم أكل منها لقمة ، ثم حملها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأصبحت عنده ، وكان بيننا وبين قوم عهد ، فمضى الأجل فتفرقنا اثني عشر رجلا ، مع كل رجل منهم أناس ، الله أعلم كم مع كل رجل ، غير أنه بعث معهم . قال : فأكلوا منها أجمعون . أو كما قال وغيره يقول : فعرفنا   . من العرافة . هذا لفظه ، وقد رواه في مواضع أخر من " صحيحه " ، ومسلم  من غير وجه ، عن  أبي عثمان عبد الرحمن بن مل النهدي ،  عن عبد الرحمن بن أبي بكر  
حديث آخر عن عبد الرحمن بن أبي بكر  في هذا المعنى 
قال الإمام أحمد    : ثنا عارم ،  ثنا معتمر بن سليمان ،  عن أبيه ، عن أبي عثمان ،  عن عبد الرحمن بن أبي بكر ،  أنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين ومائة ، فقال النبي   [ ص: 651 ] صلى الله عليه وسلم : هل مع أحد منكم طعام ؟ فإذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه ، فعجن ، ثم جاء رجل مشرك مشعان طويل بغنم يسوقها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أبيعا أم عطية ؟ " أو قال : " أم هدية ؟ " قال : لا بل بيع . فاشترى منه شاة فصنعت ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بسواد البطن أن يشوى . قال : وايم الله ما من الثلاثين والمائة إلا قد حز له رسول الله صلى الله عليه وسلم حزة من سواد بطنها ؛ إن كان شاهدا أعطاه إياه ، وإن كان غائبا خبأ له . قال : وجعل منها قصعتين . قال : فأكلنا أجمعون وشبعنا ، وفضل في القصعتين ، فجعلناه على البعير أو كما قال . وقد أخرجه  البخاري  ومسلم ،  من حديث معتمر بن سليمان    . 
حديث آخر في تكثير الطعام في السفر    : قال الإمام أحمد    : حدثنا فزارة بن عمرو  أنا فليح ،  عن سهيل بن أبي صالح ،  عن أبيه ، عن  أبي هريرة  قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها ، فأرمل فيها المسلمون واحتاجوا إلى الطعام فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحر الإبل ، فأذن لهم ، فبلغ ذلك عمر  بن الخطاب ، رضي الله عنه . قال : فجاء فقال : يا رسول الله ، إبلهم تحملهم وتبلغهم عدوهم ، ينحرونها ؟! بل ادع يا رسول الله بغبرات الزاد ، فادع   [ ص: 652 ] الله عز وجل فيها بالبركة . قال : " أجل " . فدعا بغبرات الزاد ، فجاء الناس بما بقي معهم ، فجمعه ، ثم دعا الله عز وجل ، فيه بالبركة ، ودعاهم بأوعيتهم ، فملأها وفضل فضل كثير ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أني عبد الله ورسوله ، ومن لقي الله عز وجل ، بهما غير شاك ، دخل الجنة " وكذلك رواه  جعفر الفريابي ،  عن  أبي مصعب الزهري ،  عن عبد العزيز بن أبي حازم ،  عن سهيل  به . ورواه مسلم   والنسائي  جميعا ، عن أبي بكر بن أبي النضر ،  عن أبيه ، عن عبيد الله الأشجعي ،  عن  مالك بن مغول ،  عن طلحة بن مصرف ،  عن أبي صالح  عن  أبي هريرة  به . 
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي    : ثنا زهير  ثنا أبو معاوية  عن الأعمش ،  عن أبي صالح  عن أبي سعيد ،  أو عن  أبي هريرة    - شك الأعمش    - قال : لما كانت غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة ، فقالوا : يا رسول الله ، لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا ، فأكلنا وادهنا . فقال : " افعلوا " فجاء عمر  فقال : يا رسول الله ، إنهم إن فعلوا قل الظهر ، ولكن ادعهم بفضل أزوادهم ، ثم ادع لهم عليها بالبركة ، لعل الله أن يجعل في ذلك البركة . فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنطع فبسط ، ثم دعا بفضل أزوادهم . قال : فجعل الرجل يجيء   [ ص: 653 ] بكف الذرة ، والآخر بكف التمر ، والآخر بالكسرة ، حتى اجتمع على النطع شيء من ذلك يسير ، فدعا عليه بالبركة ، ثم قال : " خذوا في أوعيتكم " . فأخذوا في أوعيتهم ، حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملئوه ، وأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يلقى الله بها عبد غير شاك فيحجب عن الجنة " وهكذا رواه مسلم  أيضا ، عن سهل بن عثمان  وأبي كريب ،  كلاهما عن أبي معاوية ،  عن الأعمش ،  عن أبي صالح ،  عن أبي سعيد  أو  أبي هريرة ،  فذكر مثله . 
حديث آخر في هذه القصة : قال الإمام أحمد    : ثنا علي بن إسحاق ،  ثنا  عبد الله - هو ابن المبارك    - أنا الأوزاعي ،  أنا المطلب بن حنطب المخزومي ،  حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري ،  حدثني أبي قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة ، فأصاب الناس مخمصة ، فاستأذن الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحر بعض ظهورهم وقالوا : يبلغنا الله به . فلما رأى عمر بن الخطاب  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هم أن يأذن لهم في نحر بعض ظهورهم قال : يا رسول الله ، كيف بنا إذا نحن لقينا العدو غدا جياعا رجالا ؟ ولكن إن رأيت يا رسول الله أن   [ ص: 654 ] تدعو لنا ببقايا أزوادهم وتجمعها ، ثم تدعو الله فيها بالبركة ، فإن الله سيبلغنا بدعوتك . أو قال : سيبارك لنا في دعوتك . فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ببقايا أزوادهم ، فجعل الناس يجيئون بالحثية من الطعام وفوق ذلك ، فكان أعلاهم من جاء بصاع من تمر ، فجمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام فدعا ما شاء الله أن يدعو ، ثم دعا الجيش بأوعيتهم وأمرهم أن يحثوا ، فما بقي في الجيش وعاء إلا ملئوه ، وبقي مثله ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أني رسول الله ، لا يلقى الله عبد مؤمن بهما إلا حجبت عنه النار يوم القيامة وقد رواه  النسائي  من حديث  عبد الله بن المبارك  بإسناده نحو ما تقدم . 
حديث آخر في هذه القصة : قال الحافظ  أبو بكر البزار    : ثنا أحمد بن المعلى الأدمي ،  ثنا عبد الله بن رجاء ،  ثنا سعيد بن سلمة ،  حدثني أبو بكر ،  أظنه من ولد عمر بن الخطاب  عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة ،  أنه سمع أبا خنيس الغفاري ،  أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تهامة حتى إذا كنا بعسفان  جاءه أصحابه ، فقالوا : يا رسول الله ، جهدنا الجوع فأذن لنا في الظهر أن نأكله . قال : " نعم " . فأخبر بذلك عمر بن الخطاب ،  رضي الله عنه ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله ، ما صنعت ؟ أمرت الناس أن ينحروا الظهر! فعلى ما يركبون ؟! قال : " فما ترى يابن الخطاب ؟    " قال : أرى أن   [ ص: 655 ] تأمرهم أن يأتوا بفضل أزوادهم ، فتجمعه في ثوب ، ثم تدعو لهم . فأمرهم فجعلوا فضل أزوادهم في ثوب ، ثم دعا لهم ، ثم قال : " ائتوا بأوعيتكم " . فملأ كل إنسان وعاءه ، ثم أذن بالرحيل ، فلما جاوز مطروا ، فنزل ونزلوا معه وشربوا من ماء السماء ، فجاء ثلاثة نفر ، فجلس اثنان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب الآخر معرضا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أخبركم عن النفر الثلاثة ؟ أما واحد فاستحيا من الله فاستحيا الله منه ، وأما الآخر فأقبل تائبا فتاب الله عليه ، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه " ثم قال البزار    : لا نعلم روى أبو خنيس  إلا هذا الحديث بهذا الإسناد . وقد رواه  البيهقي ،  عن  أبي الحسين بن بشران ،  عن أبي بكر الشافعي ،  ثنا إسحاق بن الحسن الحربي ،  أنا ابن رجاء ،  ثنا سعيد بن سلمة ،  حدثني أبو بكر بن عمرو بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ،  عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة ،  أنه سمع أبا خنيس الغفاري    . فذكره . 
حديث آخر عن عمر بن الخطاب  في هذه القصة : قال الحافظ أبو يعلى    :   [ ص: 656 ] ثنا أبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي ،  ثنا ابن فضيل ،  ثنا يزيد ، وهو ابن أبي زياد ،  عن عاصم بن عبيد الله بن عاصم ،  عن أبيه ، عن جده عمر  قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فقلنا : يا رسول الله ، إن العدو قد حضر وهم شباع والناس جياع . فقالت الأنصار    : ألا ننحر نواضحنا فنطعمها الناس ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كان معه فضل طعام فليجئ به " . فجعل الرجل يجيء بالمد والصاع وأقل وأكثر ، فكان جميع ما في الجيش بضعا وعشرين صاعا ، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنبه فدعا بالبركة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " خذوا ولا تنتهبوا " . فجعل الرجل يأخذ في جرابه ، وفي غرارته ، وأخذوا في أوعيتهم ، حتى إن الرجل ليربط كم قميصه فيملؤه ، ففرغوا والطعام كما هو ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يأتي بهما عبد محق إلا وقاه الله حر النار " . ورواه أبو يعلى  أيضا ، عن إسحاق بن إسماعيل الطالقاني ،  عن جرير  عن  يزيد بن أبي زياد ،  فذكره . وما قبله شاهد له بالصحة كما أنه متابع لما قبله . والله أعلم . 
حديث آخر عن  سلمة بن الأكوع  في ذلك : قال الحافظ أبو يعلى    : ثنا  محمد بن بشار ،  ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي القارئ ،  ثنا  عكرمة بن عمار ،  عن إياس بن سلمة ،  عن أبيه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر فأمرنا   [ ص: 657 ] أن نجمع ما في أزوادنا - يعني من التمر - فبسط نطعا نثرنا عليه أزوادنا . قال : فتمطيت فتطاولت فنظرت ، فحزرته كربضة شاة ، ونحن أربع عشرة مائة . قال : فأكلنا ثم تطاولت فنظرت ، فحزرته كربضة شاة ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل من وضوء ؟ " قال : فجاء رجل بنطفة في إداوة . قال : فقبضها فجعلها في قدح . قال : فتوضأنا كلنا ، ندغفقها دغفقة ، ونحن أربع عشرة مائة ، أي نسبغ ولا نبقي من الماء . قال : فجاء أناس فقالوا : يا رسول الله ، ألا وضوء ؟ فقال : " قد فرغ الوضوء " . وقد رواه مسلم ،  عن  أحمد بن يوسف السلمي ،  عن النضر بن محمد ،  عن  عكرمة بن عمار ،  عن إياس ،  عن أبيه سلمة ،  وقال : فأكلنا حتى شبعنا ، ثم حشونا جربنا . 
وتقدم ما ذكره ابن إسحاق  في حفر الخندق ، حيث قال : حدثني  سعيد بن ميناء ،  أنه قد حدث أن ابنة لبشير بن سعد  أخت النعمان بن بشير  قالت : دعتني أمي عمرة بنت رواحة ،  فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي ثم قالت : أي بنية ، اذهبي إلى أبيك وخالك عبد الله  بغدائهما . قالت : فأخذتها فانطلقت بها ، فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا ألتمس أبي وخالي ، فقال : " تعالي يا بنية ، ما هذا معك ؟ " قالت : قلت : يا رسول الله ، هذا تمر بعثتني به أمي إلى أبي بشير بن سعد  وخالي عبد الله بن رواحة  يتغديانه . فقال : " هاتيه " قالت :   [ ص: 658 ] فصببته في كفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ملأتهما ثم أمر بثوب فبسط له ، ثم دحا بالتمر ، فتبدد فوق الثوب ، ثم قال لإنسان عنده : " اصرخ في أهل الخندق أن هلم إلى الغداء " . فاجتمع أهل الخندق عليه ، فجعلوا يأكلون منه ، وجعل يزيد ، حتى صدر أهل الخندق عنه ، وإنه ليسقط من أطراف الثوب   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					