قصة الذئب وشهادته بالرسالة  
قال الإمام أحمد    : حدثنا يزيد ،  ثنا  القاسم بن الفضل الحداني ،  عن أبي   [ ص: 23 ] نضرة ،  عن  أبي سعيد الخدري  قال : عدا الذئب على شاة فأخذها ، فطلبه الراعي ، فانتزعها منه ، فأقعى الذئب على ذنبه فقال : ألا تتقي الله؟ تنزع مني رزقا ساقه الله إلي؟! فقال : يا عجبا! ذئب مقع على ذنبه يكلمني كلام الإنس؟! فقال الذئب : ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد  صلى الله عليه وسلم بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق . قال : فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة ،  فزواها إلى زاوية من زواياها ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي : الصلاة جامعة . ثم خرج فقال للراعي : " أخبرهم " . فأخبرهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدق ، والذي نفس محمد  بيده ، لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس ، ويكلم الرجل عذبة سوطه ، وشراك نعله ، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده " . وهذا إسناد على شرط الصحيح وقد صححه  البيهقي ،  ولم يروه إلا الترمذي  من قوله : " والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس إلى آخره ، عن سفيان بن وكيع ،  عن أبيه ، عن القاسم بن الفضل    . ثم قال : وهذا حديث حسن غريب صحيح ، لا نعرفه إلا من حديث القاسم ،  وهو ثقة مأمون عند أهل الحديث ، وثقه يحيى وابن مهدي    . 
طريق أخرى عن  أبي سعيد الخدري ،  رضي الله عنه : 
قال الإمام أحمد    : حدثنا أبو اليمان ،  أنا شعيب ،  حدثني عبد الله بن أبي حسين ،  حدثني شهر ،  أن   [ ص: 24 ]  أبا سعيد الخدري  حدثه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : بينا أعرابي في بعض نواحي المدينة  في غنم له عدا عليه الذئب ، فأخذ شاة من غنمه ، فأدركه الأعرابي فاستنقذها منه وهجهجه ، فعانده الذئب يمشي ، ثم أقعى مستذفرا بذنبه يخاطبه ، فقال : أخذت رزقا رزقنيه الله! قال : واعجبا من ذئب مقع مستذفر بذنبه يخاطبني! فقال : والله إنك لتترك أعجب من هذا قال : وما أعجب من هذا؟ قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم في النخلات بين الحرتين يحدث الناس عن نبأ ما قد سبق وما يكون بعد ذلك . قال فنعق الأعرابي بغنمه حتى ألجأها إلى بعض المدينة ،  ثم مشى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى ضرب عليه بابه ، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أين الأعرابي صاحب الغنم؟ " فقام الأعرابي ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " حدث الناس بما سمعت وبما رأيت " . فحدث الأعرابي الناس بما رأى من الذئب وما سمع منه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : " صدق ، آيات تكون قبل الساعة ، والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يخرج أحدكم من أهله فيخبره نعله أو سوطه أو عصاه بما أحدث أهله بعده وهذا على شرط أهل السنن ولم يخرجوه . وقد رواه  البيهقي  من حديث النفيلي   [ ص: 25 ] قال : قرأت على  معقل بن عبيد الله ،  عن  شهر بن حوشب ،  عن أبي سعيد ،  فذكره . ثم رواه عن  الحاكم  وأبي سعيد بن أبي عمرو ،  عن الأصم ،  عن أحمد بن عبد الجبار ،  عن  يونس بن بكير ،  عن عبد الحميد بن بهرام ،  عن  شهر بن حوشب ،  عن أبي سعيد ،  فذكره . ورواه  الحافظ أبو نعيم ،  من طريق  عبد الرحمن بن يزيد بن تميم ،  عن الزهري  عن  سعيد بن المسيب  عن أبي سعيد ،  فذكره . 
حديث  أبي هريرة  في ذلك : 
قال الإمام أحمد    : حدثنا عبد الرزاق ،  أنا معمر ،  عن أشعث بن عبد الله ،  عن  شهر بن حوشب ،  عن  أبي هريرة  قال : جاء ذئب إلى راعي غنم ، فأخذ منها شاة ، فطلبه الراعي حتى انتزعها منه . قال : فصعد الذئب على تل ، فأقعى واستذفر ، وقال : عمدت إلى رزق رزقنيه الله ، عز وجل ، انتزعته مني! فقال الرجل : بالله إن رأيت كاليوم ذئبا يتكلم! فقال الذئب : أعجب من هذا رجل في النخلات بين الحرتين يخبركم بما مضى ، وبما هو كائن بعدكم . وكان الرجل يهوديا ، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم ، وخبره فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها أمارة من أمارات بين يدي الساعة ، قد أوشك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى تحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهله بعده تفرد به أحمد ،  وهو على شرط السنن ولم يخرجوه ، ولعل  شهر بن حوشب  قد سمعه من أبي سعيد   وأبي هريرة  أيضا . والله أعلم . 
حديث أنس  في ذلك : 
قال أبو نعيم  في " دلائل النبوة " : ثنا عبد الله بن   [ ص: 26 ] محمد بن جعفر ،  ثنا  محمد بن يحيى بن منده ،  ثنا علي بن الحسن بن سالم ،  ثنا الحسين الرفاء ،  عن  عبد الملك بن عمير ،  عن أنس ،  ح وحدثنا  سليمان هو الطبراني ،  ثنا عبد الله بن محمد بن ناجية ،  ثنا هشام بن يونس اللؤلؤي ،  ثنا حسين بن سليمان الرفاء ،  عن  عبد الملك بن عمير ،  عن أنس بن مالك  قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك  فشددت على غنمي ، فجاء الذئب فأخذ منها شاة ، فاشتد الرعاء خلفه ، فقال : طعمة أطعمنيها الله تنزعونها مني! قال : فبهت القوم ، فقال : ما تعجبون من كلام الذئب وقد نزل الوحي على محمد ،  فمن مصدق ومكذب ثم قال أبو نعيم    : تفرد به حسين بن سليمان  عن عبد الملك    . قلت : الحسين بن سليمان الرفاء هذا يقال له : الطلحى    . كوفي أورد له  ابن عدي  عن  عبد الملك بن عمير  أحاديث ، ثم قال : لا يتابع عليها . 
حديث ابن عمر  في ذلك : 
قال البيهقي : أخبرنا أبو سعد الماليني ،  أنا  أبو أحمد بن عدي ،  ثنا  عبد الله بن أبي داود السجستاني ،  ثنا يعقوب بن يوسف بن أبي عيسى ،  ثنا جعفر بن جسر  أخبرني أبي جسر ،  ثنا عبد الرحمن بن حرملة ،  عن  سعيد بن المسيب  قال : قال ابن عمر    : كان راع على عهد رسول الله   [ ص: 27 ] صلى الله عليه وسلم في غنم له ، إذ جاء الذئب فأخذ شاة ، ووثب الراعي حتى انتزعها من فيه ، فقال له الذئب : أما تتقي الله أن تمنعني طعمة أطعمنيها الله تنزعها مني! فقال له الراعي : العجب من ذئب يتكلم! فقال له الذئب : أفلا أدلك على ما هو أعجب من كلامي؟ ذلك الرجل في النخل يخبر الناس بحديث الأولين والآخرين ، أعجب من كلامي ، فانطلق الراعي حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره وأسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حدث به الناس قال  الحافظ بن عدي    : قال لنا  أبو بكر بن أبي داود    : ولد هذا الراعي يقال لهم : بنو مكلم الذئب . ولهم أموال ونعم ، وهم من خزاعة ،  واسم مكلم الذئب أهبان    . قال : ومحمد بن أشعث الخزاعي  من ولده . قال  البيهقي    : فدل على اشتهار ذلك ، وهذا مما يقوي الحديث . 
وقد روى من حديث محمد بن إسماعيل البخاري  في " التاريخ " حدثني أبو طلحة ،  حدثني سفيان بن حمزة الأسلمي ،  سمع عبد الله بن عامر الأسلمي ،  عن ربيعة بن أوس ،  عن أنيس بن عمرو ،  عن أهبان بن أوس  قال : كنت في غنم لي ، فكلمه الذئب ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم قال  البخاري    : إسناده ليس بالقوي . 
ثم روى  البيهقي  عن  أبي عبد الرحمن السلمي ،  سمعت الحسين بن   [ ص: 28 ] أحمد الرازي ،  سمعت أبا سليمان المقرئ  يقول : خرجت في بعض البلدان على حمار ، فجعل الحمار يحيد بي عن الطريق ، فضربت رأسه ضربات ، فرفع رأسه إلي وقال : اضرب يا أبا سليمان ،  فإنما على دماغك هو ذا تضرب . قال : قلت له : كلمك كلاما يفهم؟! قال : كما تكلمني وأكلمك 
حديث آخر عن  أبي هريرة  في الذئب : 
على وجه آخر : وقد قال  سعيد بن منصور    : ثنا حبان بن علي ،  ثنا  عبد الملك بن عمير ،  عن أبي الأوبر الحارثي ،  عن  أبي هريرة  قال : جاء الذئب فأقعى بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وجعل يبصبص بذنبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا وافد الذئاب ، جاء يسألكم أن تجعلوا له من أموالكم شيئا " . قالوا : والله لا نفعل . وأخذ رجل من القوم حجرا فرماه ، فأدبر الذئب وله عواء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الذئب وما الذئب؟ وقد رواه  البيهقي ،  عن  الحاكم  عن أبي عبد الله الأصبهاني ،  عن محمد بن مسلمة ،  عن  يزيد بن هارون ،  عن شعبة ،  عن  عبد الملك بن عمير  به . ورواه  الحافظ أبو بكر البزار ،  عن  محمد بن المثنى ،  عن غندر ،  عن شعبة ،  عن  عبد الملك بن عمير ،  عن رجل ، عن مكحول ،  عن  أبي هريرة ،  فذكره . 
 [ ص: 29 ] وعن يوسف بن موسى ،  عن جرير بن عبد الحميد ،  عن  عبد الملك بن عمير ،  عن أبي الأوبر ،  عن  أبي هريرة  قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما صلاة الغداة ، ثم قال : " هذا الذئب ، وما الذئب؟ جاءكم يسألكم أن تعطوه أو تشركوه في أموالكم " . فرماه رجل بحجر ، فمر - أو ولى - وله عواء وقال محمد بن إسحاق ،  عن الزهري ،  عن حمزة بن أبي أسيد  قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار  بالبقيع ،  فإذا الذئب مفترشا ذراعيه على الطريق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا جاء يستفرض فافرضوا له " . قالوا : نرى رأيك يا رسول الله . قال : " من كل سائمة شاة في كل عام " . قالوا : كثير . قال : فأشار إلى الذئب أن خالسهم . فانطلق الذئب رواه  البيهقي    . 
وروى الواقدي ،  عن رجل سماه ، عن  المطلب بن عبد الله بن حنطب  قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة  إذ أقبل ذئب ، فوقف بين يديه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا وافد السباع إليكم ، فإن أحببتم أن تفرضوا له شيئا لا يعدوه إلى غيره ، وإن أحببتم تركتموه واحترزتم منه ، فما أخذ فهو رزقه " . فقالوا يا رسول الله ، ما تطيب أنفسنا له بشيء . فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصابعه الثلاث أن خالسهم . قال : فولى وله عسلان  [ ص: 30 ] وقال أبو نعيم    : ثنا سليمان بن أحمد ،  ثنا معاذ بن المثنى ،  ثنا محمد بن كثير ،  ثنا سفيان ،  ثنا الأعمش  ، عن شمر بن عطية  ، عن رجل من مزينة  أو جهينة  قال : أتت وفود الذئاب قريب من مائة ذئب حين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقعين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذه وفود الذئاب ، جئنكم يسألنكم لتفرضوا لهن من قوت طعامكم وتأمنوا على ما سواه " . فشكوا إليه الحاجة ، قال : " فأدبروهم " . قال : فخرجن ولهن عواء 
وقد تكلم القاضي عياض  على حديث الذئب ، فذكره ، عن  أبي هريرة  وأبي سعيد ،  وعن أهبان بن أوس  وأنه كان يقال له : مكلم الذئب قال : وقد روى ابن وهب  أنه جرى مثل هذا  لأبي سفيان بن حرب   وصفوان بن أمية  مع ذئب وجداه أخذ ظبيا ، فدخل الظبي الحرم ، فانصرف الذئب ، فعجبا من ذلك ، فقال الذئب : أعجب من ذلك محمد بن عبد الله  بالمدينة  يدعوكم إلى الجنة ، وتدعونه إلى النار ، فقال أبو سفيان    : واللات والعزى لئن ذكرت هذا بمكة  لتتركنها خلوفا 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					