فصل دعاؤه عليه الصلاة والسلام على بعض الناس  
وروى مسلم ،  عن أبي بكر بن أبي شيبة ،  عن  زيد بن الحباب ،  عن  عكرمة بن عمار ،  حدثني  إياس بن سلمة بن الأكوع ،  أن أباه حدثه أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله ، فقال له : " كل بيمينك " . قال : لا أستطيع . قال : " لا استطعت ، ما منعه إلا الكبر " . قال فما رفعها إلى فيه وقد رواه أبو الوليد الطيالسي ،  عن عكرمة ،  عن إياس ،  عن أبيه قال : أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسر بن راعي العير  وهو يأكل بشماله ، فقال : " كل بيمينك " . قال : لا أستطيع . قال : " لا استطعت " قال : فما وصلت يده إلى فيه بعد 
وثبت في " صحيح مسلم    " من حديث شعبة ،  عن أبي حمزة ،  عن ابن عباس  قال : كنت ألعب مع الغلمان ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختبأت منه ، فجاءني فحطأني حطأة أو حطأتين ، وأرسلني إلى معاوية  في حاجة   [ ص: 86 ] فأتيته ، وهو يأكل ، فقلت : أتيته وهو يأكل ، فأرسلني الثانية ، فأتيته وهو يأكل ، فقلت : أتيته وهو يأكل . فقال : " لا أشبع الله بطنه " 
وقد روى  البيهقي  عن  الحاكم ،  عن علي بن حمشاذ ،  عن هشام بن علي ،  عن موسى بن إسماعيل ،  حدثني أبو عوانة ،  عن أبي حمزة  سمعت ابن عباس  قال : كنت ألعب مع الغلمان ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء ، فقلت : ما جاء إلا إلي . فذهبت فاختبأت على باب ، فجاء فحطأني حطأة وقال : " اذهب فادع لي معاوية    " . وكان يكتب الوحي . قال : فذهبت فدعوته له ، فقيل إنه يأكل . فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : إنه يأكل . فقال : " اذهب فادعه لي " . فأتيته الثانية ، فقيل : إنه يأكل . فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال في الثالثة : " لا أشبع الله بطنه " . قال : فما شبع بعدها 
قلت وقد كان معاوية ،  رضي الله عنه ، لا يشبع بعدها ، ووافقته هذه الدعوة في أيام إمارته ، فيقال : إنه كان يأكل في اليوم سبع مرات طعاما بلحم ، وكان يقول : والله لا أشبع وإنما أعيى . 
وقدمنا في غزوة تبوك  أنه مر بين أيديهم وهم يصلون غلام فدعا عليه ، فأقعد فلم يقم بعدها . وجاء من طرق أوردها  البيهقي  أن رجلا حاكى النبي صلى الله عليه وسلم في كلام واختلج بوجهه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كن كذلك " . فلم   [ ص: 87 ] يزل يختلج ويرتعش مدة عمره حتى مات وقد ورد في بعض الروايات أنه  الحكم بن أبي العاص أبو مروان بن الحكم    . فالله أعلم . 
وقال مالك ،  عن  زيد بن أسلم ،  عن  جابر بن عبد الله  قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني أنمار    . فذكر الحديث في الرجل الذي عليه ثوبان قد خلقا ، وله ثوبان في العيبة ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبسهما ثم ولى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما له ضرب الله عنقه؟! " . فقال الرجل : في سبيل الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " في سبيل الله " . فقتل الرجل في سبيل الله   . وقد ورد من هذا النوع كثير . وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة بطرق متعددة عن جماعة من الصحابة تفيد القطع ، كما سنوردها قريبا في باب فضائله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :   " اللهم من سببته أو جلدته أو لعنته وليس لذلك أهلا فاجعل ذلك قربة له تقربه بها عندك يوم القيامة " . 
وقد قدمنا في أول البعثة حديث ابن مسعود  في دعائه صلى الله عليه وسلم على أولئك النفر السبعة الذين أحدهم أبو جهل بن هشام  وأصحابه ، حين طرحوا على ظهره ، عليه الصلاة والسلام ، سلا الجزور ، وألقته عنه ابنته فاطمة ،  فلما انصرف قال :   " اللهم عليك بقريش ،  اللهم عليك بأبي جهل بن هشام ،  وشيبة بن ربيعة ،  وعتبة بن ربيعة ،   والوليد بن عتبة    " . ثم سمى بقية السبعة . قال ابن مسعود    : فوالذي بعثه بالحق لقد رأيتهم صرعى في القليب قليب بدر   . الحديث . وهو متفق عليه . 
 [ ص: 88 ] حديث آخر : قال  الإمام أحمد    : ثنا هاشم ،  ثنا  سليمان ، يعني ابن المغيرة ،  عن ثابت ،  عن أنس بن مالك  قال : كان منا رجل من بني النجار  قد قرأ " البقرة " و " آل عمران " ، وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلق هاربا حتى لحق بأهل الكتاب . قال : فرفعوه وقالوا : هذا كان يكتب لمحمد    . وأعجبوا به ، فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم ، فحفروا له فواروه ، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها ، ثم عادوا فحفروا له وواروه ، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها ، فتركوه منبوذا ورواه مسلم  عن محمد بن رافع ،  عن  أبي النضر هاشم بن القاسم  به . 
طريق أخرى عن أنس    : قال  الإمام أحمد    : حدثنا  يزيد بن هارون ،  ثنا حميد عن أنس ،  أن رجلا كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وقد كان قرأ " البقرة " و " آل عمران " ، وكان الرجل إذا قرأ " البقرة " و " آل عمران " عز فينا ، يعني عظم ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملي عليه : غفورا رحيما . فيكتب : عليما حكيما ، فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم : " اكتب كذا وكذا ، اكتب كيف شئت " . ويملي عليه : عليما حكيما . فيقول : أكتب : سميعا بصيرا؟   [ ص: 89 ] فيقول : " اكتب كيف شئت " . قال : فارتد ذلك الرجل عن الإسلام ، فلحق بالمشركين ، وقال : أنا أعلمكم بمحمد ،  وإن كنت لأكتب إلا ما شئت . فمات ذلك الرجل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الأرض لا تقبله " . قال أنس    : فحدثني أبو طلحة  أنه أتى الأرض التي مات فيها ذلك الرجل ، فوجده منبوذا ، فقال أبو طلحة    : ما شأن هذا الرجل؟ قالوا : قد دفناه مرارا فلم تقبله الأرض وهذا على شرط الشيخين ، ولم يخرجوه . 
طريق أخرى عن أنس    : قال  البخاري    : ثنا أبو معمر ،  ثنا عبد الرزاق ،  ثنا عبد الوارث ،  ثنا عبد العزيز  عن أنس بن مالك  قال : كان رجل نصراني فأسلم ، وقرأ " البقرة " و " آل عمران " ، وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم ، فعاد نصرانيا ، وكان يقول : ما يدري محمد  إلا ما كتبت له . فأماته الله فدفنوه ، فأصبح وقد لفظته الأرض ، فقالوا : هذا فعل محمد  وأصحابه لما هرب منهم; نبشوا عن صاحبنا فألقوه . فحفروا له وأعمقوا ، فأصبح وقد لفظته الأرض ، فقالوا : هذا فعل محمد  وأصحابه; نبشوا عن صاحبنا فألقوه . فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا ، فأصبح وقد لفظته الأرض ، فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					