وقعة الفراض    . 
ثم سار خالد  بمن معه من المسلمين إلى وقعة الفراض  وهي تخوم الشام  والعراق  والجزيرة  ، فأقام هنالك شهر رمضان مفطرا ; لشغله بالأعداء ، ولما بلغ الروم  أمر   [ ص: 535 ] خالد  ومصيره إلى قرب بلادهم ، حموا وغضبوا وجمعوا جموعا كثيرة ، واستمدوا تغلب  وإيادا  والنمر ،  ثم ناهدوا خالدا  ، فحالت الفرات  بينهم ، فقالت الروم  لخالد    : اعبر إلينا . وقال خالد  للروم    : بل اعبروا أنتم . فعبرت الروم  إليهم ، وذلك للنصف من ذي القعدة سنة ثنتي عشرة ، فاقتتلوا هنالك قتالا عظيما بليغا ، ثم هزم الله جموع الروم  ، وتمكن المسلمون من أقفائهم ، فقتل في هذه المعركة مائة ألف ، وأقام خالد  بعد ذلك بالفراض  عشرة أيام ، ثم أذن بالقفول إلى الحيرة  ، لخمس بقين من ذي القعدة ، وأمر عاصم بن عمرو  أن يسير في المقدمة ، وأمر شجرة بن الأعز  أن يسير في الساقة ، وأظهر خالد  أنه يسير في الساقة ، وسار خالد  في عدة من أصحابه ، وقصد شطر المسجد الحرام  ، وسار إلى مكة  في طريق لم تسلك قبله قط ، وتأتى له في ذلك أمر لم يقع لغيره ، فجعل يسير معتسفا على غير جادة ، حتى انتهى إلى مكة  فأدرك الحج في هذه السنة ، ثم عاد فأدرك آخر الساقة قبل أن يصلوا إلى الحيرة  ، ولم يعلم أحد بحج خالد  هذه السنة إلا القليل من الناس ممن كان معه ، ولم يعلم أبو بكر الصديق  بذلك أيضا إلا بعدما رجع أهل الحج من الموسم ، فبعث يعتب عليه في مفارقته الجيش ، وكانت عقوبته عنده أن صرفه من غزو العراق  إلى غزو الشام  ، وقال له فيما كتب إليه يقول له : وإن الجموع لم تشج بعون الله شجيك ، فليهنك أبا سليمان  النية والحظوة ، فأتمم يتمم الله لك ، ولا يدخلنك عجب فتخسر وتخذل ، وإياك أن   [ ص: 536 ] تدل بعمل ، فإن الله له المن ، وهو ولي الجزاء . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					