[ ص: 600 ] ذكر اجتماع الفرس  على  يزدجرد  بعد اختلافهم واضطرابهم  ثم اجتمعت كلمتهم . 
كان شيرين  قد جمع آل كسرى  في القصر الأبيض ، وأمر بقتل ذكرانهم كلهم ، وكانت أم يزدجرد  فيهم ومعها ابنها وهو صغير ، فواعدت أخواله ، فجاءوا فأخذوه منها وذهبوا إلى بلادهم ، فلما وقع ما وقع يوم البويب  وقتل من قتل منهم كما ذكرنا ، وركب المسلمون أكتافهم وانتصروا عليهم وعلى أخذ بلدانهم ومحالهم وأقاليمهم ، ثم سمعوا بقدوم  سعد بن أبي وقاص  من جهة عمر  ، اجتمعوا فيما بينهم وأحضروا الأميرين الكبيرين فيهم ، وهما رستم  والفيرزان  ، فتذامروا فيما بينهم وتواصوا ، وقالوا لهما : لئن لم تقوما بالحرب كما ينبغي لنقتلنكما ونشتفي بكما . ثم رأوا فيما بينهم أن يبعثوا خلف نساء كسرى  من كل فج ومن كل بقعة ، فمن كان لها ولد من آل كسرى  ملكوه عليهم ، فجعلوا إذا أتوا بالمرأة عاقبوها : هل لها ولد ، وهي تنكر ذلك خوفا على ولدها إن كان لها ولد ، فلم يزالوا حتى دلوا على أم يزدجرد ،  فأحضروها وأحضروا ولدها فملكوه عليهم ، وهو ابن إحدى وعشرين سنة ، وهو من ولد شهريار بن كسرى  ، وعزلوا بوران  ، واستوسقت الممالك له ، واجتمعوا عليه وفرحوا به ، وقاموا بين يديه بالنصر أتم قيام ، واستفحل أمره فيهم ، وقويت شوكتهم به ، وبعثوا إلى الأقاليم والرساتيق ، فخلعوا الطاعة للصحابة ونقضوا عهودهم   [ ص: 601 ] وذممهم ، وبعث الصحابة إلى عمر  بالخبر ، فأمرهم عمر  أن يتبرزوا من بين ظهرانيهم وليكونوا على أطراف البلاد حولهم على المياه ، وأن تكون كل قبيلة تنظر إلى الأخرى بحيث إذا حدث حدث على قبيلة لا يخفى أمرها على جيرانهم . وتفاقم الحال جدا ، وذلك في ذي القعدة من سنة ثلاث عشرة . وقد حج بالناس عمر  في هذه السنة . وقيل : بل حج بهم عبد الرحمن بن عوف  ولم يحج عمر  هذه السنة . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					