ذكر من توفي في هذه السنة من الأعيان 
سهل بن حنيف  بن واهب بن العكيم بن ثعلبة الأنصاري الأوسي ،  شهد بدرا ،  وثبت يوم أحد ،  وحضر بقية المشاهد ، وكان صاحبا لعلي بن أبي طالب ،  وقد شهد معه مشاهده كلها أيضا غير الجمل ، فإنه كان قد استخلفه على المدينة    . ومات سهل بن حنيف  في هذه السنة بالكوفة  ، وصلى عليه علي  فكبر عليه خمسا ، وقيل : ستا . وقال : إنه من أهل بدر  ، رضي الله عنه . 
صفوان بن بيضاء  أخو سهيل بن بيضاء ،  شهد المشاهد كلها مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وتوفي في هذه السنة في رمضان منها ، وليس له عقب . 
صهيب بن سنان  بن مالك أبو يحيى الرومي ،  وأصله من اليمن ،   [ ص: 670 ] من قاسط ،  وكان أبوه أو عمه عاملا لكسرى على الأبلة ،  وكانت منازلهم على دجلة عند الموصل    - وقيل : على الفرات - فأغارت على بلادهم الروم  ، فأسرته وهو صغير ، فأقام عندهم حينا ، ثم اشترته بنو كلب ،  فحملوه إلى مكة  ، فابتاعه عبد الله بن جدعان  ، فأعتقه ، وأقام بمكة  حينا ، فلما بعث رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، آمن به قديما هو  وعمار بن ياسر  في يوم واحد بعد بضعة وثلاثين رجلا ، وكان من المستضعفين الذين يعذبون في الله ، عز وجل ، ولما هاجر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، هاجر صهيب  بعده بأيام ، فلحقه قوم من المشركين يريدون أن يصدوه عن الهجرة ، فلما أحس بهم نثل كنانته بين يديه وقال لهم : والله لقد علمتم أني من أرماكم رجلا ، ووالله لا تصلون إلي حتى أقتل بكل سهم من هذه رجلا منكم ، ثم أقاتلكم بسيفي حتى أقتل ، وإن كنتم تريدون المال فأنا أدلكم على مالي ، هو مدفون في مكان كذا وكذا ، فانصرفوا عنه فأخذوا ماله ، فلما قدم على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال له : ربح البيع أبا يحيى    . وأنزل الله تعالى ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد    [ البقرة : 207 ] .   [ ص: 671 ] ورواه حماد بن سلمة ،  عن علي بن زيد ،  عن  سعيد بن المسيب  قال : وشهد صهيب  بدرا  وما بعدها ، ولما طعن عمر  ، كان صهيب  هو الذي يصلي بالناس أيام الشورى حتى تعين عثمان  ، وهو الذي صلى على عمر  ، وكان له صاحبا وصديقا . 
وكان صهيب  أحمر شديد الحمرة ، ليس بالطويل ولا بالقصير ، أقرن الحاجبين كثير الشعر ، وكان في لسانه عجمة شديدة ، وكان مع فضله ودينه فيه دعابة وفكاهة وانشراح . روي أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، رآه يأكل بقثاء رطبا وهو أرمد إحدى العينين ، فقال : أتأكل رطبا وأنت أرمد ؟ فقال : إنما آكل من ناحية عيني الصحيحة ، فضحك رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، من قوله   . 
وكانت وفاته بالمدينة  سنة ثمان وثلاثين ، وقيل : سنة تسع وثلاثين . وقد نيف على السبعين . 
محمد بن أبي بكر الصديق ،  ولد في حياة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في حجة الوداع تحت الشجرة عند المحرم . وأمه  أسماء بنت عميس ،  ولما احتضر الصديق   [ ص: 672 ] أوصى أن تغسله أسماء  فغسلته ، ثم لما انقضت عدتها تزوجها علي  فنشأ محمد  في حجره ، فلما صارت إليه الخلافة استنابه على مصر  بعد  قيس بن سعد بن عبادة ،  كما تقدم ذلك ، فلما كانت هذه السنة قتل ببلاد مصر ،  وله من العمر دون الثلاثين ، رحمه الله ورضي عنه . وحزنت عليه عائشة  وعلي  وغيرهما . 
 أسماء بنت عميس بن معد بن الحارث الخثعمية ،  وهي أم محمد المذكور ، أسلمت قديما بمكة  وهاجرت مع زوجها  جعفر بن أبي طالب  إلى الحبشة ،  وقدمت معه إلى خيبر ،  ولها منه عبد الله ،  ومحمد ،  وعون    . ولما قتل جعفر  بمؤتة ،  تزوجها بعده أبو بكر الصديق ،  فولدت له محمد بن أبي بكر  أمير مصر    . ثم لما مات الصديق  تزوجها بعده علي بن أبي طالب ،  فولدت له يحيى  وعونا ،  وهي أخت  ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين   [ ص: 673 ] لأمها . وكذلك هي أخت أم الفضل امرأة العباس  لأمها ، وكان لها من الأخوات لأمها تسع أخوات ، وهي أخت سلمى بنت عميس امرأة العباس  التي له منها بنت اسمها عمارة    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					