ثم دخلت سنة سبع وأربعين
فيها شتى المسلمون ببلاد الروم . وفيها عزل معاوية عبد الله بن عمرو بن العاص عن ديار مصر ، وولى عليها معاوية بن حديج ، وحج بالناس عتبة بن أبي سفيان ، وقيل : أخوه عنبسة بن أبي سفيان . فالله أعلم .
وممن توفي فيها قيس بن عاصم المنقري ، كان من سادات الناس في الجاهلية والإسلام ، وكان ممن حرم الخمر في الجاهلية ، وذلك أنه سكر يوما ، فعبث بذات محرم منه ، فهربت منه ، فلما أصبح قيل له في ذلك فحرمها ، وأنشد ذلك :
رأيت الخمر مصلحة وفيها مقابح تفضح الرجل الكريما فلا والله أشربها حياتي
ولا أشفي بها أبدا سقيما
[ ص: 177 ]
فما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنه بنيان قوم تهدما
ويقال : إنه لما حضرته الوفاة جلس حوله بنوه ، وكانوا اثنين وثلاثين ذكرا ، فقال لهم : يا بني ، سودوا عليكم أكبركم تخلفوا أباكم ، ولا تسودوا أصغركم فيزدري بكم أكفاؤكم ، وعليكم بالمال واصطناعه فإنه مأبهة للكريم ، ويستغني به عن اللئيم ، وإياكم ومسألة الناس ; فإنها من أخس مكسبة الرجل ، ولا تنوحوا علي ; فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينح عليه ، ولا تدفنوني حيث يشعر بكر بن وائل ; فإني كنت أعاديهم في الجاهلية . وفيه يقول الشاعر :
[ ص: 178 ]
عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما
تحية من أوليته منك منة إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما
فما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنه بنيان قوم تهدما


