[ ص: 138 ] إسلام عمر  رضي الله عنه  
قال عبد بن حميد  وغيره : حدثنا  أبو عامر العقدي ،  قال : حدثنا خارجة بن عبد الله بن زيد ،  عن نافع ،  عن ابن عمر ،  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك ،  بعمر بن الخطاب ،  أو بأبي جهل بن هشام   . وروي نحوه عن  عبد الله بن دينار ،  عن ابن عمر   . 
وقال  مبارك بن فضالة ،  عن عبيد الله ،  عن نافع ،  عن ابن عمر ،  عن ابن عباس ،  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اللهم أعز الدين بعمر   . 
وقال  عبد العزيز الأويسي   : حدثنا الماجشون بن أبي سلمة ،  عن  هشام بن عروة ،  عن أبيه ، عن عائشة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم أعز الإسلام  بعمر بن الخطاب  خاصة  " . 
قال إسماعيل بن أبي خالد   : حدثنا قيس ،  قال ابن مسعود   : ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر   . أخرجه  البخاري   . 
وقال أحمد  في " مسنده " : حدثنا أبو المغيرة ،  قال : حدثنا صفوان ،  قال : حدثنا شريح بن عبيد ،  قال : قال عمر   : خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجدته قد سبقني إلى المسجد ، فقمت خلفه ، فاستفتح سورة الحاقة فجعلت أعجب من تأليف القرآن ، فقلت : هذا والله شاعر ، كما قالت قريش ،  فقرأ : ( إنه لقول رسول كريم   ( 40 ) ) ( وما هو بقول شاعر قليلا  [ ص: 139 ] ما تؤمنون   ( 41 ) ) [ الحاقة ] الآيات ، فوقع في قلبي الإسلام كل موقع  . 
وقال أبو بكر بن أبي شيبة   : حدثنا يحيى بن يعلى الأسلمي ،  عن عبد الله بن المؤمل ،  عن  أبي الزبير ،  عن جابر ،  قال : كان أول إسلام عمر  أن عمر  قال : ضرب أختي المخاض ليلا ، فخرجت من البيت ، فدخلت في أستار الكعبة  في ليلة قرة ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل الحجر ،  وعليه تبان ، فصلى ما شاء الله ، ثم انصرف ، فسمعت شيئا لم أسمع مثله ، فخرج ، فاتبعته فقال : " من هذا ؟ قلت : عمر   . قال : " يا عمر  ما تدعني ليلا ولا نهارا " ، فخشيت أن يدعو علي فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله . فقال : " يا عمر  أسره " . قلت : لا والذي بعثك بالحق لأعلننه ، كما أعلنت الشرك  . 
وقال محمد بن عبيد الله بن المنادي   : حدثنا إسحاق الأزرق ،  قال : حدثنا القاسم بن عثمان البصري ،  عن أنس بن مالك ،  قال : خرج عمر  رضي الله عنه متقلدا السيف ، فلقيه رجل من بني زهرة  فقال له : أين تعمد يا عمر ؟  قال : أريد أن أقتل محمدا   . قال : كيف تأمن في بني هاشم  وبني زهرة ،  وقد قتلت محمدا ؟  فقال : ما أراك إلا قد صبوت . قال : أفلا أدلك على العجب ، إن ختنك وأختك قد صبوا وتركا دينك . فمشى عمر  فأتاهما ، وعندهما خباب ،  فلما سمع بحس عمر  توارى في البيت ، فدخل فقال : ما هذه الهينمة ؟ وكانوا يقرءون طه ، قالا : ما عدا حديثا تحدثناه بيننا . قال : فلعلكما قد صبوتما ؟ فقال له ختنه : يا عمر  إن كان الحق في غير دينك . فوثب عليه فوطئه وطئا شديدا ، فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها ، فنفحها نفحة بيده فدمى وجهها ، فقالت وهي غضبى : وإن كان الحق في غير دينك إني أشهد أن لا إله إلا  [ ص: 140 ] الله ، وأن محمدا  عبده ورسوله . فقال عمر   : أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه ، وكان عمر  يقرأ الكتاب ، فقالت أخته : إنك رجس ، وإنه لا يمسه إلا المطهرون ، فقم فاغتسل أو توضأ ، فقام فتوضأ ، ثم أخذ الكتاب ، فقرأ طه حتى انتهى إلى : ( إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري   ( 114 ) ) [ طه ] فقال عمر   : دلوا على محمد ،  فلما سمع خباب  قول عمر  خرج فقال : أبشر يا عمر  فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك ليلة الخميس : " اللهم أعز الإسلام  بعمر بن الخطاب  أو بعمرو بن هشام   " . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصل الدار التي في أصل الصفا   . فانطلق عمر  حتى أتى الدار وعلى بابها حمزة ،  وطلحة ،  وناس ، فقال حمزة   : هذا عمر ،  إن يرد الله به خيرا يسلم وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هينا . قال : والنبي صلى الله عليه وسلم داخل يوحى إليه ، فخرج حتى أتى عمر ،  فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال : " ما أنت منته يا عمر  حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة  ؟ فهذا عمر   " اللهم أعز الإسلام بعمر   " . فقال عمر   : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبد الله ورسوله  . 
وقد رواه  يونس بن بكير ،  عن ابن إسحاق ،  وقال فيه : زوج أخته  سعيد بن زيد بن عمرو   . 
وقال ابن عيينة ،  عن عمرو ،  عن ابن عمر ،  قال : إني على سطح ، فرأيت الناس مجتمعين على رجل وهم يقولون : صبأ عمر ،  صبأ عمر   . فجاء العاص بن وائل  عليه قباء ديباج ، فقال : إن كان عمر  قد صبأ فمه أنا له جار . قال : فتفرق الناس عنه . قال : فعجبت من عزه  . أخرجه  البخاري  عن ابن المديني ،  عنه . 
 [ ص: 141 ] قال البكائي ،  عن ابن إسحاق   : حدثني نافع ،  عن ابن عمر ،  قال : لما أسلم عمر ،  قال : أي قريش  أنقل للحديث ؟ قيل : جميل بن معمر الجمحي   . فغدا عليه ، قال ابن عمر   : وغدوت أتبع أثره وأنا غلام أعقل ، حتى جاءه ، فقال : أعلمت أني أسلمت ؟ فوالله ما راجعه حتى قام يجر رداءه ، حتى قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش ،  ألا إن ابن الخطاب  قد صبأ . قال : يقول عمر  من خلفه : كذب ، ولكني أسلمت . وثاروا إليه فما برح يقاتلهم ، ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رءوسهم . قال : وطلح فقعد وقاموا على رأسه وهو يقول : افعلوا ما بدا لكم ، فأحلف بالله أن لو كنا ثلاثمائة رجل لقد تركناها لكم أو تركتموها لنا . فبينا هو على ذلك إذ أقبل شيخ عليه حلة حبرة ، وقميص موشى ، حتى وقف عليهم ، فقال : ما شأنكم ؟ قالوا : صبأ عمر   : قال : فمه! رجل اختار لنفسه أمرا فماذا تريدون! أترون بني كعب بن عدي  يسلمونه! خلوا عنه . قال : فوالله لكأنما كانوا ثوبا كشط عنه ، فقلت لأبي بعد أن هاجر : يا أبه ، من الرجل الذي زجر القوم عنك ؟ قال : العاص بن وائل   . 
أخرجه  ابن حبان ،  من حديث جرير بن حازم ،  عن ابن إسحاق   . 
وقال إسحاق بن إبراهيم الحنيني ،  عن أسامة بن زيد بن أسلم ،  عن أبيه ، عن جده ، قال : قال لنا عمر   : كنت أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبينا أنا في يوم حار بالهاجرة ، في بعض طريق مكة ،  إذ لقيني رجل فقال : عجبا لك يا ابن الخطاب ،  إنك تزعم أنك وأنك ، وقد دخل علينا الأمر في بيتك . قلت : وما ذاك ؟ قال : أختك قد أسلمت . فرجعت  [ ص: 142 ] مغضبا حتى قرعت الباب ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أسلم الرجل والرجلان ممن لا شيء له ضمهما إلى من في يده سعة فينالان من فضل طعامه ، وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين ، فلما قرعت الباب قيل : من هذا ؟ قلت : عمر   . فتبادروا فاختفوا مني ، وقد كانوا يقرءون صحيفة بين أيديهم تركوها أو نسوها ، فقامت أختي تفتح الباب ، فقلت : يا عدوة نفسها . أصبوت . وضربتها بشيء في يدي على رأسها ، فسال الدم وبكت ، فقالت : يا ابن الخطاب  ما كنت فاعلا فافعل فقد صبوت . قال : ودخلت حتى جلست على السرير ، فنظرت إلى الصحيفة فقلت : ما هذا ناولنيها . قالت : لست من أهلها ، أنت لا تطهر من الجنابة ، وهذا كتاب لا يمسه إلا المطهرون . فما زلت بها حتى ناولتنيها ، ففتحتها ، فإذا فيها ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فكلما مررت باسم من أسماء الله عز وجل ذعرت منه ، فألقيت الصحيفة ، ثم رجعت إلى نفسي فتناولتها ، فإذا فيها ( سبح لله ما في السماوات والأرض   ( 1 ) ) [ الحديد ] فذعرت ، فقرأت إلى ( آمنوا بالله ورسوله   ( 7 ) ) فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله . فخرجوا إليه متبادرين وكبروا ، وقالوا : أبشر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا يوم الاثنين فقال : " اللهم أعز دينك بأحب الرجلين إليك إما أبو جهل  وإما عمر   " ، ودلوني على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت بأسفل الصفا ،  فخرجت حتى قرعت الباب ، فقالوا : من ؟ قلت : ابن الخطاب ،  وقد علموا شدتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما اجترأ أحد يفتح الباب ، حتى قال : " افتحوا له " . ففتحوا لي ، فأخذ رجلان بعضدي ، حتى أتيا بي النبي صلى الله عليه وسلم فقال : خلوا عنه ، ثم أخذ بمجامع قميصي وجذبني إليه ، ثم قال : " أسلم يا ابن الخطاب ،  اللهم اهده " . فتشهدت ، فكبر المسلمون تكبيرة سمعت بفجاج مكة ،  وكانوا مستخفين ، فلم أشأ أن أرى رجلا يضرب ويضرب إلا رأيته ، ولا يصيبني من ذلك شيء ، فجئت  [ ص: 143 ] خالي وكان شريفا ، فقرعت عليه الباب ، فقال : من هذا ؟ قلت : ابن الخطاب  وقد صبوت . قال : لا تفعل . ثم دخل وأجاف الباب دوني . فقلت : ما هذا شيء . فذهبت إلى رجل من عظماء قريش ،  فناديته ، فخرج إلي ، فقلت مثل مقالتي لخالي ، وقال لي مثل ما قال خالي ، فدخل وأجاف الباب دوني فقلت : ما هذا شيء ، إن المسلمين يضربون وأنا لا أضرب ، فقال لي رجل : أتحب أن يعلم بإسلامك ؟ قلت : نعم . قال : فإذا جلس الناس في الحجر فأت فلانا لرجل لم يكن يكتم السر فقل له فيما بينك وبينه : إني قد صبوت ، فإنه قلما يكتم السر . فجئت ، وقد اجتمع الناس في الحجر ، فقلت فيما بيني وبينه : إني قد صبوت . قال : أوقد فعلت ؟ قلت : نعم . فنادى بأعلى صوته : إن ابن الخطاب  قد صبأ ، فبادروا إلي ، فما زلت أضربهم ويضربوني ، واجتمع علي الناس ، قال خالي : ما هذه الجماعة ؟ قيل : عمر  قد صبأ ، فقام على الحجر ، فأشار بكمه : ألا إني قد أجرت ابن أختي ، فتكشفوا عني ، فكنت لا أشاء أن أرى رجلا من المسلمين يضرب ويضرب إلا رأيته ، فقلت : ما هذا شيء حتى يصيبني ، فأتيت خالي فقلت : جوارك رد عليك ، فما زلت أضرب وأضرب حتى أعز الله الإسلام  . 
ويروى عن ابن عباس  بإسناد ضعيف ، قال : سألت عمر ،  لأي شيء سميت الفاروق ؟ فقال : أسلم حمزة  قبلي بثلاثة أيام ، فخرجت إلى المسجد ، فأسرع أبو جهل  إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسبه ، فأخبر حمزة ،  فأخذ قوسه وجاء إلى المسجد ، إلى حلقة قريش  التي فيها أبو جهل ،  فاتكأ على قوسه مقابل أبي جهل ،  فنظر إليه ، فعرف أبو جهل  الشر في وجهه ، فقال : ما لك يا أبا عمارة ؟  فرفع القوس فضرب بها أخدعيه ، فقطعه  [ ص: 144 ] فسالت الدماء ، فأصلحت ذلك قريش  مخافة الشر ، قال : ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف في دار  الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي ،  فانطلق حمزة  فأسلم . وخرجت بعده بثلاثة أيام ، فإذا فلان المخزومي فقلت : أرغبت عن دين آبائك واتبعت دين محمد ؟  قال : إن فعلت فقد فعله من هو أعظم عليك حقا مني ، قلت : ومن هو ؟ قال : أختك وختنك . فانطلقت فوجدت همهمة ، فدخلت فقلت : ما هذا ؟ فما زال الكلام بيننا حتى أخذت برأس ختني فضربته وأدميته ، فقامت إلي أختي فأخذت برأسه ، وقالت : قد كان ذلك على رغم أنفك . فاستحييت حين رأيت الدماء ، فجلست وقلت : أروني هذا الكتاب . فقالت : إنه لا يمسه إلا المطهرون . فقمت فاغتسلت ، فأخرجوا إلي صحيفة فيها ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قلت : أسماء طيبة طاهرة ( طه   ( 1 ) ) ( ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى   ( 2 ) ) إلى قوله ( له الأسماء الحسنى   ( 8 ) ) [ طه ] ، فتعظمت في صدري ، وقلت : من هذا فرت قريش . فأسلمت ، وقلت : أين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : فإنه في دار الأرقم . فأتيت فضربت الباب ، فاستجمع القوم ، فقال لهم حمزة   . ما لكم ؟ قالوا : عمر   . قال : وعمر   ! افتحوا له الباب ، فإن أقبل قبلنا منه ، وإن أدبر قتلناه . فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج فتشهد عمر ،  فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد . قلت : يا رسول الله ألسنا على الحق ؟ قال : " بلى " . قلت : ففيم الاختفاء . فخرجنا صفين أنا في أحدهما ، وحمزة  في الآخر ، حتى دخلنا المسجد ، فنظرت قريش  إلي وإلى حمزة ،  فأصابتهم كآبة شديدة ، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الفاروق   ) يومئذ ، وفرق بين الحق والباطل  . 
وقال الواقدي   : حدثنا محمد بن عبد الله ،  عن الزهري ،  عن ابن المسيب ،  قال : أسلم عمر  بعد أربعين رجلا وعشر نسوة ، فلما أسلم ظهر الإسلام بمكة   . 
 [ ص: 145 ] وقال الواقدي   : حدثنا معمر ،  عن الزهري  أن عمر  أسلم بعد أن دخل النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم ،  وبعد أربعين أو نيف وأربعين من رجال ونساء ، فلما أسلم نزل جبريل  فقال : يا محمد  استبشر أهل السماء بإسلام عمر   . 
وقال  يونس بن بكير ،  عن ابن إسحاق   : كان إسلام عمر  بعد خروج من خرج من الصحابة إلى الحبشة   . فحدثني عبد الرحمن بن الحارث  ، عن عبد العزيز بن عبد الله بن عامر بن ربيعة ،  عن أمه ليلى ،  قالت : كان عمر  من أشد الناس علينا في إسلامنا ، فلما تهيأنا للخروج إلى الحبشة ،  جاءني عمر ،  وأنا على بعير ، نريد أن نتوجه ، فقال : إلى أين يا أم عبد الله ؟  فقلت : قد آذيتمونا في ديننا ، فنذهب في أرض الله حيث لا نؤذى في عبادة الله . فقال : صحبكم الله ، ثم ذهب ، فجاء زوجي عامر بن ربيعة  فأخبرته بما رأيت من رقة  عمر بن الخطاب ،  فقال : ترجين أن يسلم ؟ قلت : نعم . قال : فوالله لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب   . يعني من شدته على المسلمين  . 
قال يونس ،  عن ابن إسحاق   : والمسلمون يومئذ بضع وأربعون رجلا ، وإحدى عشرة امرأة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					