إسلام أبي العاص  
مبسوطا 
أسلم أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي العبشمي ،  ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته زينب ، أم أمامة ،  في وسط سنة ست . واسمه لقيط ،  قاله ابن معين   والفلاس   . وقال ابن سعد   : اسمه مقسم ،  وأمه هالة بنت خويلد  خالة زوجته ، فهما أبناء خالة . تزوج بها قبل المبعث ، فولدت له عليا  فمات طفلا ، وأمامة  التي صلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو حاملها ، وهي التي تزوجها علي  رضي الله عنه بعد موت خالتها فاطمة  رضي الله عنها وكان أبو العاص  يدعى جرو البطحاء ، وأسر يوم بدر ،  وكانت زينب  بمكة   . 
قال يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ،  عن أبيه ، عن عائشة ،  قالت : فبعثت في فدائه بمال منه قلادة لها كانت خديجة  أدخلتها بها . فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم القلادة رق لها وقال : " إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا " ففعلوا . فأخذ عليه عهدا أن يخلي زينب  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سرا  . 
وقال ابن إسحاق   : فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم  زيد بن حارثة  ورجلا ،  [ ص: 25 ] فقال : كونا ببطن يأجج  حتى تمر بكما زينب   . وذلك بعد بدر  بشهر . قال : وكان أبو العاص  من رجال قريش  المعدودين مالا وأمانة وتجارة وكان الإسلام قد فرق بينه وبين زينب  إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقدر أن يفرق بينهما . 
قال يونس ،  عن ابن إسحاق   : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم ،  قال : خرج أبو العاص  تاجرا إلى الشام ،  وكان رجلا مأمونا . وكانت معه بضائع لقريش   . فأقبل قافلا فلقيته سرية للنبي صلى الله عليه وسلم فاستاقوا عيره وهرب . وقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أصابوا فقسمه بينهم ، وأتى أبو العاص  حتى دخل على زينب  فاستجار بها ، وسألها أن تطلب له من رسول الله صلى الله عليه وسلم رد ماله عليه . فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم السرية فقال لهم : إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم ، وقد أصبتم له مالا ولغيره مما كان معه ، وهو فيء ، فإن رأيتم أن تردوا عليه فافعلوا ، وإن كرهتم فأنتم وحقكم . قالوا : بل نرده عليه . فردوا والله عليه ما أصابوا ، حتى إن الرجل ليأتي بالشنة ، والرجل بالإداوة وبالحبل . ثم خرج حتى قدم مكة ،  فأدى إلى الناس بضائعهم ، حتى إذا فرغ قال : يا معشر قريش ،  هل بقي لأحد منكم معي مال ؟ قالوا : لا ، فجزاك الله خيرا . فقال : أما والله ما منعني أن أسلم قبل أن أقدم عليكم إلا تخوفت أن تظنوا أني إنما أسلمت لأذهب بأموالكم ، فإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا  عبده ورسوله . 
وأما  موسى بن عقبة  فذكر أن أموال أبي العاص  إنما أخذها أبو بصير  في الهدنة بعد هذا التاريخ . 
وقال ابن نمير ،  عن إسماعيل بن أبي خالد ،  عن الشعبي ،  قال : قدم أبو العاص  من الشام  ومعه أموال المشركين ، وقد أسلمت امرأته زينب  وهاجرت ، فقيل له : هل لك أن تسلم وتأخذ هذه الأموال التي معك ؟ فقال : بئس ما أبدأ به إسلامي أن أخون أمانتي ، فكفلت عنه امرأته أن  [ ص: 26 ] يرجع فيؤدي إلى كل ذي حق حقه ; فيرجع ويسلم . ففعل . وما فرق بينهما ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم . 
وقال ابن لهيعة  عن موسى بن جبير الأنصاري ،   عن عراك بن مالك ،  عن  أبي بكر بن عبد الرحمن ،  عن أم سلمة  أن زينب  بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إليها زوجها أبو العاص  أن خذي لي أمانا من أبيك . فأطلعت رأسها من باب حجرتها ، والنبي صلى الله عليه وسلم في الصبح ، فقالت : أيها الناس إني زينب  بنت رسول الله ، وإني قد أجرت أبا العاص   . فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة قال : أيها الناس إني لا علم لي بهذا حتى سمعتموه ، ألا وإنه يجير على الناس أدناهم  . 
وقال ابن إسحاق  عن  داود بن الحصين ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس ،  قال : رد النبي صلى الله عليه وسلم ابنته على أبي العاص  على النكاح الأول بعد ست سنين . 
وقال  حجاج بن أرطاة ،  عن محمد بن عبيد الله العرزمي   - وهو ضعيف - عن عمرو بن شعيب ،  عن أبيه ، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردها بمهر جديد ونكاح جديد . 
قال الإمام أحمد   : هذا حديث ضعيف ، والصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرهما على النكاح الأول . 
وقال ابن إسحاق   : ثم إن أبا العاص  رجع إلى مكة  مسلما ، فلم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مشهدا . ثم قدم المدينة  بعد ذلك ، فتوفي في آخر  [ ص: 27 ] سنة اثنتي عشرة ، والله أعلم . 
				
						
						
