[ ص: 271 ] فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما  في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير  
التفريع على قوله : جاهد الكفار والمنافقين  على عادة القرآن في تعقيب الوعيد بالوعد والعكس فلما أمر بجهادهم والغلظة عليهم وتوعدهم بالمصير إلى النار ، فرع على ذلك الإخبار بأن التوبة مفتوحة لهم وأن تدارك أمرهم في مكنتهم ; لأن المقصود من الأمر بجهادهم قطع شأفة مضرتهم أو أن يصلح حالهم . 
والتوبة هي إخلاصهم الأيمان . والضمير يعود إلى الكفار والمنافقين ، والضمير في ( يك ) عائد إلى مصدر ( يتوبوا ) وهو التوب . 
والتولي الإعراض والمراد به الإعراض عن التوبة . والعذاب في الدنيا عذاب الجهاد والأسر ، وفي الآخرة عذاب النار . 
وجيء بفعل ( يك ) في جواب الشرط دون أن يقال فإن يتوبوا فهو خير لهم لتأكيد وقوع الخير عند التوبة ، والإيماء إلى أنه لا يحصل الخير إلا عند التوبة لأن فعل التكوين مؤذن بذلك . 
وحذف نون ( يكن ) للتخفيف لأنها لسكونها تهيأت للحذف وحسنه وقوع حركة بعدها ، والحركة ثقيلة ؛ فلذلك شاع حذف هذه النون في كلامهم كقوله : وإن تك حسنة يضاعفها  في سورة النساء . 
وجملة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير  عطف على جملة يعذبهم الله  إلخ فتكون جوابا ثانيا للشرط ، ولا يريبك أنها جملة اسمية لا تصلح لمباشرة أداة الشرط بدون فاء رابطة . لأنه يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في المتبوعات فإن حرف العطف كاف في ربط الجملة تبعا للجملة المعطوف عليها . 
والمعنى أنهم إن تولوا لم يجدوا من ينصرهم من القبائل إذ لم يبق من العرب من لم يدخل في الإسلام إلا من لا يعبأ بهم عددا وعددا . والمراد نفي الولي النافع كما هو مفهوم الولي وأما من لا ينفع فهو حبيب وودود وليس بالولي . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					