يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك  فاتبعني أهدك صراطا سويا  
إعادة ندائه بوصف الأبوة تأكيد لإحضار الذهن ولإمحاض النصيحة المستفاد من النداء الأول . قال في الكشاف : ثم ثنى بدعوته إلى الحق مترفقا به متلطفا ، فلم يسم أباه بالجهل المفرط ولا نفسه بالعلم الفائق ولكنه قال : إن معي طائفة من العلم ليست معك ، وذلك علم الدلالة على الطريق السوي ، فلا تستنكف ، وهب أني وإياك في مسير وعندي معرفة بالهداية دونك فاتبعني أنجك من أن تضل وتتيه اهـ . ذلك أن أباه كان يرى نفسه على علم عظيم لأنه كان كبير ديانة قومه . وأراد إبراهيم  علم الوحي والنبوءة . 
 وتفريع أمره بأن يتبعه على الإخبار بما عنده من العلم دليل على أن أحقية العالم بأن يتبع مركوزة في غريزة العقول لم يزل   [ ص: 116 ] البشر يتقصون مظان المعرفة والعلم لجلب ما ينفع واتقاء ما يضر ، قال تعالى فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون    . 
وفي قوله أهدك صراطا سويا  استعارة مكنية ، شبه إبراهيم  بهادي الطريق البصير بالثنايا ، وإثبات الصراط السوي قرينة التشبيه ، وهو أيضا استعارة مصرحة بأن شبه الاعتقاد الموصل إلى الحق والنجاة بالطريق المستقيم المبلغ إلى المقصود . 
ويا أبت تقدم الكلام على نظيره قريبا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					