[ ص: 127 ] وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة  هم من المقبوحين  
إتباعهم باللعنة في الدنيا جعل اللعنة ملازمة لهم في علم الله تعالى ; فقدر لهم هلاكا لا رحمة فيه ، فعبر عن تلك الملازمة بالإتباع على وجه الاستعارة ؛ لأن التابع لا يفارق متبوعه ، وكانت عاقبة تلك اللعنة إلقاءهم في اليم . ويجوز أن يراد باللعنة لعن الناس إياهم ، يعني أن أهل الإيمان يلعنونهم . 
وجزاؤهم يوم القيامة أنهم من المقبوحين ، والمقبوح المشتوم بكلمة ( قبح ) ، أي قبحه الله أو الناس ، أي جعله قبيحا بين الناس في أعماله أي مذموما ، يقال : قبحه بتخفيف الباء فهو مقبوح كما في هذه الآية ، ويقال : قبحه بتشديد الباء إذا نسبه إلى القبيح فهو مقبح ، كما في حديث أم زرع  مما قالت العاشرة : ( فعنده أقول فلا أقبح   ) أي فلا يجعل قولي قبيحا عنده غير مرضي . 
والإشارة إلى الدنيا بـ " هذه " لتهوين أمر الدنيا بالنسبة للآخرة . 
والتخالف بين صيغتي قوله وأتبعناهم  وقوله هم من المقبوحين  ؛ لأن اللعنة في الدنيا قد انتهى أمرها بإغراقهم ؛ أو لأن لعن المؤمنين إياهم في الدنيا يكون في أحيان يذكرونهم ، فكلا الاحتمالين لا يقتضي الدوام فجيء معه بالجملة الفعلية . وأما تقبيح حالهم يوم القيامة فهو دائم معهم ملازم لهم فجيء في جانبه بالاسمية المقتضية الدوام والثبات . 
وضمير " هم " في قوله " هم من المقبوحين " ليس ضمير فصل ولكنه ضمير مبتدأ ، وبه كانت الجملة اسمية دالة على ثبات التقبيح لهم يوم القيامة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					