[ ص: 241 ] والأرض وضعها للأنام   فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام  والحب ذو العصف والريحان    . 
عطف على والسماء رفعها  وهو مقابله في المزاوجة والوضع يقابل الرفع ، فحصل محسن الطباق مرتين ، ومعنى ( وضعها ) خفضها لهم ، أي جعلها تحت أقدامهم وجنوبهم لتمكينهم من الانتفاع بها بجميع ما لهم فيها من منافع ومعالجات . 
واللام في للأنام للأجل . والأنام : اختلفت أقوال أهل اللغة والتفسير فيه ، فلم يذكره الجوهري  ولا الراغب  في مفردات القرآن ولا ابن الأثير  في النهاية ولا  أبو البقاء الكفوي  في الكليات . وفسره  الزمخشري  بقوله ( الخلق وهو كل ما ظهر على وجه الأرض من دابة فيها روح ) . وهذا مروي عن  ابن عباس  وجمع من التابعين . وعن  ابن عباس  أيضا : أنه الإنسان فقط . وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه . 
وسياق الآية يرجح أن المراد به الإنسان ، لأنه في مقام الامتنان والاعتناء بالبشر كقوله هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا    . 
والظاهر أنه اسم غير مشتق وفيه لغات : أنام كسحاب ، وأنام كساباط ، وأنيم كأمير . 
وجملة فيها فاكهة  إلى آخرها مبينة لجملة والأرض وضعها للأنام  وتقديم ( فيها ) على المبتدأ للاهتمام بما تحتوي عليه الأرض . 
ولما كان قوله وضعها للأنام  يتضمن وضعا وعلة لذلك الوضع كانت الجملة المبينة له مشتملة على ما فيه العبرة والامتنان . 
والفاكهة : اسم لما يؤكل تفكها لا قوتا مشتقة من فكه كفرح ، إذا طابت نفسه بالحديث والضحك ، قال تعالى فظلتم تفكهون  لأن أكل ما يلذ للأكل وليس بضروري له إنما يكون في حال الانبساط . 
 [ ص: 242 ] والفاكهة : مثل الثمار والبقول من لوز وجوز وفستق . 
وعطف على الفاكهة النخل وهو شجر التمر وهو أهم شجر الفاكهة عند العرب الذين نزل القرآن فيهم ، وهو يثمر أصنافا من الفاكهة من رطب وبسر ومن تمر وهو فاكهة وقوت . 
ووصف النخل ذات الأكمام  وصف للتحسين فهو اعتبار بأطوار ثمر النخل ، وامتنان بجماله وحسنه كقوله تعالى ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون  فامتن بمنافعها وبحسن منظرها . 
والأكمام : جمع كم بكسر الكاف وهو وعاء ثمر النخلة ويقال له : الكفرى ، فليست الأكمام مما ينتفع به فتعين أن ذكرها مع النخل للتحسين . 
والحب ذو العصف    : هو الحب الذي لنباته سنابل ولها ورق وقصب فيصير تبنا ، وذلك الورق والقصب هو العصف ، أي الذي تعصفه الرياح وهذا وصف لحب الشعير والحنطة وبهما قوام حياة معظم الناس وكذلك ما أشبههما من نحو السلت والأرز . 
وسمي العصف عصفا لأن الرياح تعصفه ، أي تحركه ووصف الحب بأنه ذو العصف  للتحسين وللتذكير بمنة جمال الزرع حين ظهوره في سنبله في حقوله نظير وصف النخل بذات الأكمام ولأن في الموصوف ووصفه أقوات البشر وحيوانهم . 
وقرأ الجمهور والحب ذو العصف والريحان  برفع الحب ورفع الريحان ورفع ذو ، وقرأه حمزة  ،  والكسائي  ، وخلف  برفع الحب وذو وبجر الريحان عطفا على العصف . وقرأه ابن عامر  بنصب الأسماء الثلاثة وعلامة نصب ( ذا العصف ) الألف . وكذلك كتب في مصحف الشام  عطفا على الأرض أو هو على الاختصاص . 
والريحان : ما له رائحة ذكية من الأزهار والحشائش وهو فعلان من الرائحة ، وإنما سمي به ما له رائحة طيبة . وهذا اعتبار وامتنان بالنبات المودعة فيه الأطياب مثل الورد والياسمين وما يسمى بالريحان الأخضر . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					