[ ص: 369 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
سورة الإنسان  
سميت في زمن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة ( هل أتى على الإنسان    ) . 
روى  البخاري  في باب القراءة في الفجر من صحيحه عن  أبي هريرة  قال : كان النبيء - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الفجر بـ ( ألم السجدة ) و ( هل أتى على الإنسان    )   . 
واقتصر صاحب الإتقان على تسمية هذه السورة ( سورة الإنسان ) عند ذكر السور المكية والمدنية ، ولم يذكرها في عداد السور التي لها أكثر من اسم . 
وتسمى ( سورة الدهر ) في كثير من المصاحف . 
وقال الخفاجي  تسمى ( سورة الأمشاج ) ، لوقوع لفظ الأمشاج فيها ولم يقع في غيرها من القرآن . 
وذكر الطبرسي    : أنها تسمى ( سورة الأبرار ) ، لأن فيها ذكر نعيم الأبرار وذكرهم بهذا اللفظ ولم أره لتغيره . 
 [ ص: 370 ] فهذه خمسة أسماء لهذه السورة . 
واختلف فيها فقيل هي مكية ، وقيل مدنية ، وقيل بعضها مكي وبعضها مدني ، فعن  ابن عباس  وابن أبي طلحة  وقتادة  ومقاتل    : هي مكية ، وهو قول  ابن مسعود  لأنه كذلك رتبها في مصحفه فيما رواه أبو داود  كما سيأتي قريبا . وعلى هذا اقتصر معظم التفاسير ، ونسبه الخفاجي  إلى الجمهور . 
وروى مجاهد  عن  ابن عباس    : أنها مدنية ، وهو قول  جابر بن زيد  وحكي عن قتادة  أيضا . وقال الحسن  وعكرمة  والكلبي    : هي مدنية إلا قوله ( ولا تطع منهم آثما أو كفورا    ) إلى آخرها ، أو قوله ( فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم    ) إلخ . ولم يذكر هؤلاء أن تلك الآيات من أية سورة كانت تعد في مكة  إلى أن نزلت سورة الإنسان بالمدينة  وهذا غريب . ولم يعينوا أنه في أية سورة كان مقروءا . 
والأصح أنها مكية فإن أسلوبها ومعانيها جارية على سنن السور المكية ولا أحسب الباعث على عدها في المدني إلا ما روي من أن آية ( يطعمون الطعام على حبه    ) نزلت في إطعام  علي بن أبي طالب  بالمدينة  مسكينا ليلة ، ويتيما أخرى ، وأسيرا أخرى ، ولم يكن للمسلمين أسرى بمكة  حملا للفظ أسير على معنى أسير الحرب ، أو ما روي أنه نزل في أبي الدحداح وهو أنصاري ،  وكثيرا ما حملوا نزول الآية على مثل تنطبق عليها معانيها فعبروا عنها بأسباب نزول كما بيناه في المقدمة الخامسة . 
وعدها  جابر بن زيد  الثامنة والتسعين في ترتيب نزول السور . وقال : نزلت بعد سورة الرحمن وقبل سورة الطلاق . وهذا جري على ما رآه أنها مدنية . 
فإذا كان الأصح أنها مكية أخذا بترتيب مصحف  ابن مسعود  فتكون الثلاثين أو الحادية والثلاثين وجديرة بأن تعد قبل سورة القيامة أو نحو ذلك حسبما ورد في ترتيب  ابن مسعود    . 
روى أبو داود  في باب تحزيب القرآن من سننه عن علقمة  والأسود  عن  ابن مسعود  قال : كان النبيء - صلى الله عليه وسلم - يقرأ النظائر السورتين وعد سورا ، فقال : وهل أتى ، و ( لا أقسم بيوم القيامة    ) في ركعة   . قال أبو داود    : هذا تأليف  ابن مسعود    - أي تأليف مصحفه - : واتفق العادون على عد آيها إحدى وثلاثين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					