قوله تعالى : واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا   ، أمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن يذكر في الكتاب وهو هذا القرآن العظيم ) جده إسماعيل    ( ، وأثنى عليه - أعني إسماعيل    - بأنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ، ومما يبين من القرآن شدة صدقه في وعده : أنه وعد أباه بصبره له على ذبحه ثم وفى بهذا الوعد ، ومن وفى بوعده في تسليم نفسه للذبح فإن ذلك من أعظم الأدلة على عظيم صدقه في وعده ، قال تعالى : فلما بلغ معه السعي قال يابني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال ياأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين  فهذا وعده . 
وقد بين تعالى وفاءه به في قوله : فلما أسلما وتله للجبين  الآية [ 37 \ 103 ] ، والتحقيق أن الذبيح هو إسماعيل  ، وقد دلت على ذلك آيتان من كتاب الله تعالى دلالة واضحة لا لبس فيها ، وسنوضح ذلك إن شاء الله غاية الإيضاح في سورة " الصافات " ، وثناؤه جل وعلا في هذه الآية الكريمة على نبيه إسماعيل  بصدق الوعد يفهم من دليل خطابه أعني مفهوم مخالفته أن إخلاف الوعد مذموم ، وهذا المفهوم قد جاء مبينا في مواضع أخر من كتاب الله تعالى ، كقوله تعالى : فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون    [ 9 \ 77 ] ، وقوله : ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون  كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون    [ 61 \ 2 - 3 ] ، إلى غير ذلك من الآيات ، وفي الحديث : " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان   " . 
وقوله تعالى في هذه الآية : وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة    [ 19 \ 55 ] ، قد بين في مواضع أخر أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك الذي أثنى الله به على جده إسماعيل  ، كقوله تعالى : وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها  الآية [ 20 \ 132 ] ، ومعلوم أنه امتثل   [ ص: 438 ] هذا الأمر ، وكقوله : ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا  الآية [ 66 \ 6 ] ، ويدخل في ذلك أمرهم أهليهم بالصلاة والزكاة ، إلى غير ذلك من الآيات . 
				
						
						
