قوله تعالى : فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا     . 
قوله : فلا تعجل عليهم    [ 19 \ 84 ] ، أي : لا تستعجل وقوع العذاب بهم فإن الله حدد له أجلا معينا معدودا ، فإذا انتهى ذلك الأجل جاءهم العذاب ، فقوله : إنما نعد لهم عدا  ، أي : نعد الأعوام والشهور والأيام التي دون وقت هلاكهم ، فإذا جاء الوقت المحدد لذلك أهلكناهم ، والعرب تقول : عجلت عليه بكذا : إذا استعجلته منه . 
ومما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أن هلاك الكفار حدد له أجل معدود  ذكره في مواضع كثيرة من كتابه ، كقوله تعالى :   [ ص: 512 ] ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار    [ 46 \ 35 ] وقوله تعالى : ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب  الآية [ 29 \ 53 ] وقوله : وما نؤخره إلا لأجل معدود    [ 11 \ 104 ] وقوله : ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه    [ 11 \ 8 ] وقوله : ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار    [ 14 \ 42 ] وقوله تعالى : نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ    [ 31 \ 24 ] ، وقوله : قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار  الآية [ 2 \ 126 ] ، وقوله : فمهل الكافرين أمهلهم رويدا    [ 86 \ 17 ] إلى غير ذلك من الآيات . 
وروي أن  المأمون  قرأ هذه السورة الكريمة فمر بهذه الآية وعنده جماعة من الفقهاء ، فأشار إلى  ابن السماك  أن يعظه ، فقال : إذا كانت الأنفاس بالعدد ، ولم يكن لها مدد ، فما أسرع ما تنفد . 
والأظهر في الآية هو ما ذكرنا من أن العد المذكور عد الأعوام والأيام والشهور من الأجل المحدد . 
وقال بعض أهل العلم : هو عد أنفاسهم ، كما أشار إليه  ابن السماك  في موعظته للمأمون  التي ذكرنا إن صح ذلك ، وعن  ابن عباس  رضي الله عنهما " أنه كان إذا قرأها بكى ، وقال : آخر العدد خروج نفسك ، آخر العدد : فراق أهلك ، آخر العدد : دخول قبرك "   . 
وقال بعض أهل العلم : إنما نعد لهم عدا  أي : نعد أعمالهم لنجازيهم عليها ، والظاهر هو ما قدمنا ، والعلم عند الله تعالى . 
				
						
						
