تنبيه 
قول عائشة  رضي الله عنها : سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بين الصفا  والمروة   ؛ أي : فرضه بالسنة ، وليس مرادها نفي فرضيته ، ويؤيده قولها : لم يتم الله حج أحدكم ، ولا عمرته ما لم يطف بينهما . 
وقال مسلم  رحمه الله في صحيحه : حدثنا يحيى بن يحيى  ، حدثنا أبو معاوية  ، عن  هشام بن عروة  ، عن أبيه ، عن عائشة  قال : قلت لها : إني لا أظن رجلا لو لم يطف بين الصفا  والمروة  ما ضره . قالت لم ؟ قلت : لأن الله تعالى يقول : إن الصفا والمروة من شعائر الله    [ 2 \ 158 ] إلى آخر الآية فقالت : ما أتم الله حج امرئ ، ولا عمرته لم يطف بين الصفا  والمروة  ، ولو كان كما تقول ، لكان : فلا جناح عليه ألا يطوف بهما   ; الحديث ، وفي رواية في صحيح مسلم  ، عن عروة  قال : قلت لعائشة    : " ما أرى علي جناحا أن لا أتطوف بين الصفا  والمروة  ، قالت لم ؟ قلت : لأن الله عز وجل يقول إن الصفا والمروة من شعائر الله  فقالت : لو كان كما تقول ، لكان فلا جناح عليه ألا يطوف بهما إنما أنزل هذا في أناس من الأنصار  ، كانوا إذا أهلوا لمناة في الجاهلية فلا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا  والمروة  ، فلما قدموا مع النبي صلى الله عليه وسلم للحج ذكروا ذلك له ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، " فلعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا  والمروة    " ، وفي رواية ، عن عروة  أيضا في   [ ص: 421 ] صحيح مسلم  قال : قلت لعائشة  زوج النبي صلى الله عليه وسلم : ما أرى على أحد ، لم يطف بين الصفا  والمروة  شيئا ، وما أبالي ، أن لا أطوف بينهما . قالت : بئس ما قلت يا ابن أختي : طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف المسلمون ، فكان سنة ، وإنما كان من أهل لمناة  الطاغية ، التي بالمشلل ، لا يطوفون بين الصفا  والمروة  ، فلما كان الإسلام سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فأنزل الله عز وجل : إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما  ولو كانت كما تقول ، لكانت فلا جناح عليه ، ألا يطوف بينهما   . قال  الزهري    : فذكرت ذلك  لأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام  فأعجبه ذلك ، وقال : إن هذا العلم ، ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يقولون : إنما كان من لا يطوف بين الصفا  والمروة  من العرب ، يقولون : إن طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية ، وقال آخرون من الأنصار    : إنما أمرنا بالطواف بالبيت ، ولم نؤمر به بين الصفا  والمروة  ، فأنزل الله عز وجل إن الصفا والمروة من شعائر الله    [ 2 \ 158 ] قال  أبو بكر بن عبد الرحمن    : فأراها قد نزلت في هؤلاء وهؤلاء ، وفي رواية في صحيح مسلم  ، عن  عروة بن الزبير  أيضا قال : سألت عائشة    . وساق الحديث بنحوه ، وقال في الحديث : فلما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن ذلك فقالوا : يا رسول الله ، إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا  والمروة  ، فأنزل الله عز وجل إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما  قالت عائشة    : قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما فليس لأحد أن يترك الطواف بهما   . 
فهذه الروايات الثابتة في الصحيحين عن عائشة  رضي الله عنها فيها الدلالة الواضحة ، على أن السعي بين الصفا  والمروة  ركن لا بد منه ، لأنك رأيت في بعض هذه الروايات الثابتة عنها في الصحيح ، أنها قالت : ما أتم الله حج امرئ ، ولا عمرته لم يطف بين الصفا  والمروة  ، وفي بعضها قالت : فلعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا  والمروة    . وفي رواية متفق عليها عنها رضي الله عنها : قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما ، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما إلى آخر ما تقدم من الروايات وفيها النص الصريح الصحيح ، على أن السعي لا بد منه وأن من لم يسع ، لم يتم له حج ولا عمرة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					