قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : الذي يظهر لي أن استدلال مالك ، والشافعي وغيرهما من أهل العلم بهذه الآية الكريمة ، على منع جلد عميرة الذي هو الاستمناء باليد استدلال صحيح بكتاب الله ، يدل عليه ظاهر القرآن ، ولم يرد شيء يعارضه من كتاب ولا سنة ، وما روي عن الإمام أحمد مع علمه ، وجلالته وورعه من إباحة جلد عميرة مستدلا على ذلك بالقياس قائلا : هو إخراج فضلة من البدن تدعو الضرورة إلى إخراجها فجاز ، قياسا على الفصد والحجامة ، كما قال في ذلك بعض الشعراء :
إذا حللت بواد لا أنيس به فاجلد عميرة لا عار ولا حرج
والخلف للنص أو إجماع دعا فساد الاعتبار كل من وعى
وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية ، بعد أن ذكر بعض من حرم جلد عميرة ، واستدلالهم بالآية ما نصه : وقد استأنسوا بحديث رواه الإمام الحسن بن عرفة في جزئه المشهور ، حيث قال : حدثني علي بن ثابت الجزري ، عن مسلمة بن جعفر ، عن حسان بن حميد ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولا يجمعهم مع العاملين ويدخلهم النار أول الداخلين إلا أن يتوبوا ومن تاب تاب الله [ ص: 318 ] عليه : الناكح يده ، والفاعل والمفعول ، ومدمن الخمر ، والضارب والديه ، حتى يستغيثا ، والمؤذي جيرانه حتى يلعنوه ، والناكح حليلة جاره " اهـ .
ثم قال ابن كثير : هذا حديث غريب وإسناده فيه من لا يعرف لجهالته والله أعلم ، انتهى منه . ولكنه على ضعفه يشهد له في نكاح اليد ظاهر القرآن في الجملة ; لدلالته على منع ذلك ، وإنما قيل للاستمناء باليد : جلد عميرة ; لأنهم يكنون بعميرة عن الذكر .
لطيفة : قد ذكر في نوادر المغفلين ، أن مغفلا كانت أمه تملك جارية تسمى عميرة فضربتها مرة ، فصاحت الجارية ، فسمع قوم صياحها ، فجاءوا وقالوا : ما هذا الصياح ؟ فقال لهم ذلك المغفل : لا بأس تلك أمي كانت تجلد عميرة .


