المسألة السادسة عشرة : إذا ظاهر من نسائه الأربع بكلمة واحدة  ، كأن يقول لهن : أنتن علي كظهر أمي ، فقال بعض أهل العلم : تكفي في ذلك كفارة واحدة . 
قال في " المغني " : ولا خلاف في هذا في مذهب أحمد  ، وهو قول علي  ، وعمر  ، وعروة  ،  وطاوس  ، وعطاء  ، وربيعة  ، ومالك  ،  والأوزاعي  ، وإسحاق  ،  وأبي ثور  ،  والشافعي  في القديم . وقال الحسن  ، والنخعي  ،  والزهري  ، ويحيى الأنصاري  ، والحكم  ،  والثوري  ، وأصحاب الرأي ،  والشافعي  في الجديد : عليه لكل امرأة كفارة ; لأنه وجد الظهار والعود في حق كل امرأة منهن فوجب عليه عن كل واحدة كفارة ، كما لو أفردها به ، ولنا عموم قول عمر  وعلي  رضي الله عنهما ، رواه عنهما الأثرم  ، ولا يعرف لهما مخالف فكان إجماعا ، ولأن الظهار كلمة تجب بمخالفتها الكفارة ، فإذا وجدت في جماعة أوجبت كفارة واحدة كاليمين بالله تعالى ، وفارق ما إذا ظاهر منها بكلمات ، فإن كل كلمة تقتضي كفارة ترفعها وتكفر إثمها ، وهاهنا الكلمة واحدة ، فالكفارة واحدة ترفع حكمها ، وتمحو إثمها ، فلا يبقى لها حكم . انتهى منه . 
 [ ص: 212 ] قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : أقيس القولين الاكتفاء بكفارة واحدة ، وأحوطهما التكفير عن كل واحدة منهن . وأما إن ظاهر منهن بكلمات متعددة ، بأن قال لكل واحدة منهن بانفرادها : أنت علي كظهر أمي ، فالأظهر تعدد الكفارة ; لأن كل كلمة من تلك الكلمات منكر من القول وزور ، فكل واحدة منها تقتضي كفارة . 
قال في " المغني " : وهذا قول عروة  وعطاء    . وقال أبو عبد الله بن حامد    : المذهب رواية واحدة في هذا . قال القاضي    : المذهب عندي ما ذكره الشيخ أبو عبد الله    . قال أبو بكر    : فيه رواية أخرى أنه تجزئه كفارة واحدة ، واختار ذلك ، وقال : هذا الذي قلناه اتباعا  لعمر بن الخطاب  ، والحسن  ، وعطاء  ، وإبراهيم  ، وربيعة  ، وقبيصة  ، وإسحاق    ; لأن كفارة الظهار حق لله تعالى فلم تتكرر بتكرر سببها كالحد ، وعليه يخرج الطلاق . ولنا بها أنها أيمان متكررة على أعيان متفرقة ، فكان لكل واحدة كفارة كما لو كفر ثم ظاهر ، ولأنها أيمان لا يحنث في إحداها بالحنث في الأخرى ، فلا تكفرها كفارة واحدة ، ولأن الظهار معنى يوجب الكفارة ، فتعدد الكفارة بتعدده في المحال المختلفة كالقتل ، ويفارق الحد ، فإنه عقوبة تدرأ بالشبهات ، انتهى منه . 
وقد علمت أن أظهر الأقوال عندنا تعدد الكفارة في هذه المسألة . وأما إن كرر الظهار من زوجته الواحدة  ، فالظاهر الذي لا ينبغي العدول عنه : أنه إن كان كرره قبل أن يكفر عن الظهار الأول ، فكفارة واحدة تكفي ، وإن كان كفر عن ظهاره الأول ، ثم ظاهر بعد التكفير ، فعليه كفارة أخرى لظهاره الواقع بعد التكفير ، والعلم عند الله تعالى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					