قوله - تعالى - : قرآنا عربيا لقوم يعلمون   بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون  
قوله : ( قرآنا عربيا ) قد تكلمنا عليه وعلى الآيات التي بمعناه في القرآن في سورة " الزمر " في الكلام على قوله - تعالى - : قرءانا عربيا غير ذي عوج    [ 39 \ 28 ] . 
وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة : لقوم يعلمون    [ 41 \ 3 ] أي فصلت آياته في حال كونه ( قرآنا عربيا لقوم يعلمون ) . 
وإنما خصهم بذلك لأنهم هم المنتفعون بتفصيله ، كما خصهم بتفصيل الآيات في سورة " يونس " في قوله - تعالى - : ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون    [ 10 \ 5 ] وفي سورة " الأنعام " في قوله - تعالى - : قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون  وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون    [ 6 \ 97 - 98 ] إلى غير ذلك من الآيات . 
وقد أوضحنا وجه تخصيص المنتفعين بالأمر المشترك دون غيرهم في سورة " فاطر " في الكلام على قوله - تعالى - : إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة    [ 35 \ 18 ] وبينا هناك أن تخصيصهم بالإنذار دون غيرهم في آية " فاطر " هذه ، وفي قوله - تعالى - في " يس " : إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب    [ 36 \ 11 ] ، وقوله في النازعات : إنما أنت منذر من يخشاها    [ 79 \ 45 ] ، وقوله في " الأنعام " وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع   [ ص: 5 ] الآية [ 6 \ 51 ] . مع أن أصل الإنذار عام شامل للمذكورين وغيرهم ، كما يدل عليه قوله - تعالى - : تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا    [ 25 \ 1 ] . 
وإنما خص المذكورين بالإنذار ، لأنهم هم المنتفعون به ; لأن من لم ينتفع بالإنذار ، ومن لم ينذر أصلا - سواء في عدم الانتفاع ، كما قال الله - تعالى - : وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون    [ 36 \ 10 ] . 
وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة : بشيرا ونذيرا    [ 41 \ 4 ] حال بعد حال . وقد قدمنا الكلام عليه وبعض شواهده العربية في أول سورة " الكهف " في الكلام على قوله - تعالى - : لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين    [ 18 \ 2 ] ، وبسطنا الكلام عليه في أول سورة " الأعراف " في الكلام على قوله - تعالى - : كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين    [ 7 \ 2 ] . 
وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة : فأعرض أكثرهم    . 
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " يس " في الكلام على قوله - تعالى - : لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون    [ 36 \ 7 ] وفي سورة " الأنعام " في الكلام على قوله - تعالى - : وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله    [ 6 \ 116 ] . 
وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة : فهم لا يسمعون أي لا يسمعون سماع قبول وانتفاع . 
وقد أوضحنا ذلك بالآيات القرآنية في سورة " النمل " في الكلام على قوله - تعالى - : إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء  الآية [ 27 \ 80 ] . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					