[ ص: 378 ] بسم الله الرحمن الرحيم . 
سورة الإنسان . 
قوله تعالى : هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا   إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا  
اتفق المفسرون على أن " هل " هنا بمعنى قد ، أي : أن الاستفهام تقريري يستوجب الإجابة عليه بنعم . 
ولفظ الإنسان في هل أتى على الإنسان  ، وقيل : هو الإنسان الأول آدم    - عليه السلام - ، أتى عليه حين من الدهر ، لم يكن شيئا يذكر . 
وقيل : هو عموم الإنسان من بني آدم  فيكون المعنى على الأول ، أن آدم    - عليه السلام - أتى عليه حين من الدهر ، قيل : أربعون سنة . 
ذكر عن  ابن عباس    : كان طينا ، ثم صلصالا ، حتى نفخ فيه الروح . 
ويكون على الثاني : أن الإنسان أتى عليه حين من الدهر ، هو أربعون يوما نطفة ، ثم أربعون يوما علقة ، ثم أربعون يوما مضغة ، وكل ذلك شيء ولكنه لم يكن مذكورا ، أي ضعيفا ، وكلاهما محتمل . 
ولفظ الإنسان الثاني في قوله تعالى : إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج  ، اتفقوا على أنه عام في بني آدم    ; لأنه هو الذي خلق من نطفة أمشاج أخلاط ، وقد رجح  الفخر الرازي  أن لفظ الإنسان في الموضعين بمعنى واحد ، وهو المعنى العام ; ليستقيم الأسلوب بدون مغايرة بين اللفظين إذ لا قرينة مميزة . 
ولعل في السياق قرينة تدل على ما قاله ، وهي أن قوله تعالى : نبتليه  قطعا لبني آدم    ; لأن آدم    - عليه السلام - انتهى أمره بالسمع والطاعة : فتلقى آدم  من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم    [ 2 \ 37 ] ، ولم يبق مجال لابتلائه ، إنما ذلك لبنيه . والله   [ ص: 379 ] تعالى أعلم . 
وقوله تعالى : إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج  فيه بيان مبدأ خلق الإنسان ، وله أطوار في وجوده بعد النطفة علقة ، ثم مضغة ، ثم خلقا آخر ، وكل ذلك من لا شيء قبله . كما قال تعالى : وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا    [ 19 \ 9 ] . 
وتقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - بيان ذلك عند الآية الكريمة : وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					