قوله تعالى : فصل لربك وانحر     . 
في هذا مع ما قبله ربط بين النعم وشكرها ، وبين العبادات وموجبها ، فكما أعطاه الكوثر فليصل لربه سبحانه ولينحر له ، كما تقدم في سورة لإيلاف قريش ، في قوله تعالى : فليعبدوا رب هذا البيت  الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف    [ 106 \ 3 - 4 ] . 
وهناك إنا أعطيناك الكوثر  ، وهو أكثر من رحلتيهم وأمنهم ، فصل لربك  مقابل فليعبدوا رب هذا البيت    . 
وقيل : إنه لما كان في السورة قبلها بيان حال المنافقين في السهو عن الصلاة والرياء في العمل ، جاء هنا بالقدوة الحسنة فصل لربك  مخلصا له في عبادتك ، كما تقدم في السورة قبلها فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا    [ 18 \ 110 ] . 
وقوله تعالى في تعليم الأمة ، في خطاب شخصه صلى الله عليه وسلم لئن أشركت ليحبطن عملك    [ 39 \ 65 ] ، مع عصمته صلى الله عليه وسلم من أقل من ذلك ، والصلاة عامة والفريضة أخصها . 
 [ ص: 130 ] وقيل : صلاة العيد ، والنحر : قيل فيه أقوال عديدة : 
أولها : في نحر الهدي أو نحر الضحية : وهي مرتبطة بقول من حمل الصلاة على صلاة العيد ، وأن النحر بعد الصلاة كما في حديث  البراء بن عازب    " لما ضحى قبل أن يصلي ، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم يحث على الضحية بعد الصلاة ، فقال : إني علمت اليوم يوم لحم فعجلت بضحيتي ، فقال له : شاتك شاة لحم ؟ فقال : إن عندنا لعناقا أحب إلينا من شاة ، أفتجزئ عني ؟ قال : اذبحها ، ولن تجزئ عن أحد غيرك   " . 
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه مبحث الضحية وافيا عند قوله تعالى : فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير    [ 22 \ 28 ] ، وقد ذكروا في معاني : وانحر : أي ضع يدك اليمنى على اليسرى على نحرك في الصلاة ، وهذا مروي عن علي  رضي الله عنه . 
وأقوال أخرى ليس عليها نص . 
والنحر : هو طعن الإبل في اللبة عند المنحر ملتقى الرقبة بالصدر . 
وأصح الأقوال في الصلاة وفي النحر هو ما تقدم من عموم الصلاة وعموم النحر أو الذبح لما جاء في قوله تعالى : قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين    [ 6 \ 162 ] . 
واتفق الفقهاء على أن النحر للإبل ، والذبح للغنم ، والبقر متردد فيه بين النحر والذبح ، وأجمعوا على أن ذلك هو الأفضل ، ولو عمم النحر في الجميع ، أو عمم الذبح في الجميع لكان جائزا ، ولكنه خلاف السنة . 
وقالوا : إن الحكمة في تخصيص الإبل بالنحر  ، هو طول العنق ، إذ لو ذبحت لكان مجرى الدم من القلب إلى محل الذبح بعيدا فلا يساعد على إخراج جميع الدم بيسر ، بخلاف النحر في المنحر ، فإنه يقرب المسافة ويساعد القلب على دفع الدم كله ، أما الغنم فالذبح مناسب لها ، والعلم عند الله تعالى . 
				
						
						
