المسألة الثالثة : يخرج من عهدة اليمين بواحد من ثلاثة أشياء    : 
الأول : إبرارها بفعل ما حلف عليه . 
الثاني : الكفارة ، وهي جائزة قبل الحنث وبعده على التحقيق . 
الثالث : الاستثناء بنحو إن شاء الله ، والتحقيق أنه حل لليمين لا بدل من الكفارة ، كما زعمه  ابن الماجشون  ، ويشترط فيه قصد التلفظ به ، والاتصال باليمين ، فلا يقبل الفصل بغير ضروري كالسعال ، والعطاس ، وما ذهب إليه  ابن عباس  وغيره من جواز تراخي الاستثناء    . 
فالتحقيق فيه أن المراد به أن العبد يلزمه إذا قال : " لأفعلن كذا " ، أن يقول : إن شاء الله ، كما صرح به تعالى في قوله : ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا  إلا أن يشاء الله    [ 18 \ 23 ، 24 ] ، فإن نسي الاستثناء بـ " إن شاء " ، وتذكره ولو بعد فصل ، فإنه يقول : إن شاء الله ; ليخرج بذلك من عهدة عدم تفويض الأمور إلى الله وتعليقها بمشيئته ، لا من حيث إنه يحل اليمين التي مضت وانعقدت . 
 [ ص: 424 ] ويدل لهذا أنه تعالى قال لأيوب    : وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث    [ 38 \ 44 ] ، ولو كان تدارك الاستثناء ممكنا لقال له قل : إن شاء الله ، ويدل له أيضا أنه لو كان كذلك لما علم انعقاد يمين لإمكان أن يلحقها الاستثناء المتأخر ، واعلم أن الاستثناء بـ " إن شاء الله " يفيد في الحلف بالله إجماعا    . 
واختلف العلماء في غيره كالحلف بالطلاق والظهار والعتق ، كأن يقول : إن دخلت الدار فأنت طالق إن شاء الله ، أو أنت علي كظهر أمي إن شاء الله ، أو أنت حرة إن شاء الله ، فذهب بعض العلماء إلى أنه لا يفيد في شيء من ذلك ; لأن هذه ليست أيمانا ، وإنما هي تعليقات للعتق والظهار والطلاق ، والاستثناء بالمشيئة إنما ورد به الشرع في اليمين دون التعليق ، وهذا مذهب مالك  وأصحابه ، وبه قال الحسن  ،  والأوزاعي  ، وقتادة  ، ورجحه ابن العربي  وغيره . 
وذهب جماعة من العلماء إلى أنه يفيد في ذلك كله ، وبه قال  الشافعي    . وأبو حنيفة  ،  وطاوس  ، وحماد  ،  وأبو ثور  ، كما نقله عنهم  ابن قدامة  في " المغني " ، وفرق قوم بين الظهار ، وبين العتق والطلاق ; لأن الظهار فيه كفارة فهو يمين تنحل بالاستثناء ، كاليمين بالله والنذر ، ونقله  ابن قدامة  في " المغني " عن أبي موسى  ، وجزم هو به . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					